پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص185

(الأول) المقاصة فيها باعتبار وقوع التهاتر في الحقوق، كوقوعه في الأموال، فإن من لا يراعي حقك عليه، لا يلزم عليك، اداء مثل ذلك

الحق إليه، حيث إنّ التهاتر كذلك أمر ارتكازي عند العقلاء في الأموال وغيرها، ويدلّ عليه ما عن الصدوق في الخصال وكتاب الاخوان
والكليني بسندهما عن أبي جعفر (ع) قال: «قام إلى أميرالمؤمنين (ع) رجل بالبصرة، فقال أخبرنا عن الاخوان، فقال (ع): الاخوان
صنفان اخوان الثقة واخوان المكاشرة، فأمّا اخوان الثقة فهم كالكف والجناح والأهل والمال، فإذا كنت من أخيك على ثقة فابذل له مالك
ويدك وصاف من صافاه، وعاد من عاداه، واكتم سرّه وعيبه، واظهر منه الحسن. واعلم أيها الساأنّهم أعزّ من الكبريت الأحمر، وأمّا اخوان
المكاشرة فانّك تصيب منهم لذتك فلا تقطعن ذلك منهم، ولا تطلبن ماوراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة
اللسان»(204) فإنّ المراد بكونه على ثقة من أخيه، الثقة من رعاية الحقوق، ومقتضاها أن من لا يراعي تلك الحقوق ولا يبذل لك غير
طلاقه الوجه عند الملاقاة كما هو ظاهر المكاشرة، فليس عليك إلاّ مثل ما بذله، دون الحقوق، والسند على رواية الكليني معتبر.

(اقول) ليس مقتضى هذه الرواية أن لا يجب مثل رد الغيبة على الشخص فيما إذا لم يراع المغتاب ردها في حقه، لما تقدم من أنّ ردها

واجب على السامع، وليس في البين ما يدلّ على كونه من الحقوق الساقطة بالتهاتر.

(الثانى)دلّ على نفي الصداقة عمن لا يراعي حقوقها، وإذا لم يكن الشخص صديقاً لك لا يكون أخاً، وفيه الصداقة أخص من الأخوة،

فلا يكون نفيها نفياً للاخوة حتى تنتفي الحقوق الثابتة لها.

(الثالث)ما دلّ على نفي الأخوة عمن لا يواسي أخاه المؤمن، وفيه أنّ المراد نفي الأخوة الكاملة لا الأخوة في مجرد الإيمان، وإلاّ لجاز

اغتيابه بمجرد تركه المواساة، والحقوق في الرواية ثابتة للاخوة في الإيمان، فلاحظ.

ولا يخفى أنّ المذكور في الرواية من الحقوق كسائر المستحبات التي لا يوجب عدم التمكن من رعايتها بالاضافة إلى جميع المؤمنين

إلاّ وقوع التزاحم بينها، لا سقوط استحبابها، فلا يقال بأنّ عدم التمكن على جميعها باعتبار عدم سعة وقت الإنسان لادائها قرينة
على عدم استحبابها، وبعبارة أخرى عدم التمكن على الجمع بينها في الاداء لكل مؤمن، يوجب كونها كسائر المستحبات المتزاحمة، لا
سقوط استحبابها.