ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص180
[2] ولكن مجرد عموم أدلتها لما إذا توقف النهي على الاغتياب أو على محرم آخر لا
يوجب تقديم النهي عن المنكر، بل وجوبه مع حرمة الاغتياب أو محرم آخر من المتزاحمين يراعي جانب الأهم أو محتمله، ولا يبعد أن
يستفاد الأهمية في جانب التكليف بالردع في مورد تزاحمه مع حرمة الغيبة أو مثل الضرب أو الشتم من مثل صحيحة عبداللّه بن
سنان المتضمنة لأمر الولد بحبس أمه لردعها عن محارم اللّه.
والحاصل أنّه لا ينبغي التأمّل في جواز الاغتياب فيما إذا توقف عليه الأمر بالمعروف أو الردع عن المنكر، فإنّه على تقدير عدم
استفادة تعين رعيتهما عن الصحيحة فلا ريب في استفادة جوازهما، فإن غاية الأمر ان وجوب الردع مع حرمة الاغتياب في مورد التوقف
من المتزاحمين، وتكون الأهمية في كل منهما محتملة، والحكم مع احتمالها في كل من المتزاحمين هو التخيير اللهم إلاّ أن يقال بأنّ الأمر
بالمعروف والردع عن المنكر لا يجبان مع انحصار مقدمتها بالمحرم.
ثم إنّ التزاحم إنّما يكون في فرض توقف النهي عن المنكر على الاغتياب بأن توقف ردع المغتاب عن الفعل المنكر على
الاغتياب أولاً ثم نهيه عنه حتى يؤثر في الارتداع. وأمّا إذا كان الاغتياب بنفسه كاقياً في ارتداعه، كان خطاب وجوب نهي الغير
وردعه عن ارتكاب المنكر مع خطاب النهي عن الاغتياب من المتعارضين يجتمعان في الفرض، وبما أنّ الكتاب المجيد دال على كلا
الحكمين يسقط الاطلاق من الخطابين، فيحكم في الفرض بجواز الاغتياب باصالة البراءة عن حرمته كما لا يخفى (لا يقال): دلالة
النهي عن الاغتياب في الكتاب على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالاطلاق ومع وقوع المعارضة بالعموم من وجه يقدم العموم
على الاطلاق، كما هو المقرر في محله (فإنّه قال): نعم، ولكن يستفاد جواز الاغتياب في الفرض من صحيحة عبداللّه بن سنان، وذلك
فانّ قوله سبحانه: «لا تقل لهما أُف» دلالته على حرمة إيذائها بحسبها أو ضربها بالعموم ودلالة الكتاب على أمرها بالمعروف ونهيها عن
المنكر بالاطلاق. ومع ذلك ذكر سلام اللّه عليه فيها أنّ منعها عن المنكر بما ذكر من أفضل الصدقة. ولا يحتمل الفرق بين جواز
ضربها وحبسها وبين اغتيابها.
وعلى الجملة ما ذكر في محله من تقديم العموم على الاطلاق فيما لم تكن قرينة أخرى على الجمع، والصحيحة في المقام قرينة عليه
ولكن لا يخفى أنّه لا يستفاد منها وجوب منعها عن المنكر بما ذكر، بل غاية مدلولها جواز المنع أو استحبابه في مورد توقف المنع على
مثل الضرب والحبس أو اتحاده معهما، وعدم امكان المنع بغيرهما كما لا يخفى.