ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص179
والحاصل أنّ قوله سبحانه: «لا يحبّ اللّه الجهر بالسوء» بنفسه كاف في إثبات جواز بيان المظلوم عيوب ظالمه، بلا فرق بين
كون عيبه ظلماً أو غيره، وبلا فرق بين أن يكون في إظهارها مظنّة إزالة الظلم عنه، كما إذا أظهرها عند من يمكن له إزالته، أو لم يكن في
إظهارها إلا بيان عيوبه وإسقاطه عن أعين الناس، كما هو مقتضى إطلاق الاستثناء وعدم تقييده بمقام مظنّة دفع الظلم. وما في كلام
المصنّف «ره» من عدم العموم في الآية، فإن أراد نفي الإطلاق فقد ذكرنا ثبوته كما هو مقتضى أصالة ورودها في مقام البيان من جهتي
المستثنى والمستثنى منه وإن أراد عدم العموم الوضعي فإثبات عموم الجواز لا يحتاج إليه كما مرّ.
[1] لا يخفى أنّ قوله سبحانه: «لا يحبّ اللّه الجهر بالسوء» بنفسه ظاهر في أنّه يجوز للمظلوم اغتياب ظالمه، ويكون الانتصار
باغتيابه مما يجوز الانتصار به في الدين، فالرواية لا تنافي الآية، بل الآية حاكمة على مفادها مع أنّه لا يمكن رفع اليد عن ظاهرها
بمثل تلك المرسلة.
[2] وهي رواية حماد بن عثمان(199) وفي سندها ضعف بمعلّى بن محمد، وعلى رواية الشيخ «ره» بمحمد بن يحيى الصيرفي، ومرسلة
ثعلبة بن ميمون(200) ولا دلالة لهما أيضاً على جواز الاغتياب بترك الأولى فإنّ الشكوى لا يكون من الاغتياب دائماً ولعلّ
الشكوى المفروضة في الروايتين لم تكن اغتياباً.
[3] أي على جواز الاغتياب في مقام الاستفتاء مع توقّفه عليه.
لا يقال: كما يمكن الاستفتاء بإظهار السائل عيب أمّه وسوئها، كذلك يمكن بطرح السؤال بنحو الفرض والتقدير، بأن يقول: لو
ارتكبت أُمّ أحد الفعل الفلاني فما وظيفة ابنها، وطرح السؤال في الرواية بنحو الاغتياب وعدم ردع النبي (ص) دليل على جواز
الاستفتاء بنحو الاغتياب حتّى مع عدم توقّفه على ذكر الفاعل بالخصوص.
فإنّه يقال: لا إطلاق في الرواية، فإنّها ناظرة إلى قضية شخصية، ولعلّ السائل كان غافلاً عن طرح السؤال فيها بالنحو الآخر.
والحاصل أنّ المتيقن هو الجواز في صورة توقّف الاستفتاء، كما لا يخفى.
[1] الرجوع في المقام إلى الأصل من الغرائب، فإن أم السائل جاهرة بفسقها أولاً لا يكون له أثر شرعي بالإضافة إلينا، حتى نرجع
إلى الأصل، بل ظاهر الرواية انّه لم يرد ع رسول اللّه (ص) الولد عن اغتياب أمه أو قذفها، وعدم ردعه (ص) يكون كاشفاً عن جواز فعل
الولد، إمّا لكونها مشهورة بالزنا أو لكون ذكرها للغفلة أو لغيرها، وليس في البين ما يعين شيئاً من ذلك.