پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص178

أقول: هذا الكلام عجيب منه «ره» حيث تعرّض سابقاً لسبّ المتجاهر بفسقه واستظهر جوازه من دليل جواز اغتيابه، وهنا فصل بين

غيبة المتجاهر وذكر عدم جوازها فيما إذا كان ظهور عيبه مكروهاً وبين سبّه وذكر جوازه بما لا يكون كذباً حتّى مع تأذّيه.

الثاني تظلّم المظلوم وإظهار ما فعل به الظالم[2].

[2] يستدلّ على جواز تظلّم المظلوم عن ظالمه بقوله سبحانه: «ولمن انتصر بعد ظلمه فأُولئك ما عليهم من سبيل»(197) ولكن لا

يخفى ما فيه، فإنّ ظاهرها جواز انتقام المظلوم عن ظالمه، كما يؤيّده ملاحظة ما قبلها من قوله عزّ وجلّ «وجزاء سيّئة سيئة مثلها فمن
أصلح فأجره على اللّه إنّ اللّه لا يحب الظالمين»(198) وأمّا جواز الاغتياب من ظالمه بإظهار ظلمه أو حتّى سائر عيوبه المستورة
عليه، فلا دلالة لها عليه، بل مقتضى قوله تعالى: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم» المماثلة في الانتقام.
نعم لو كان ظلمه هو الاغتياب والتنقيص المسقط للمغتاب بالفتح عن أعين الناس، فيجوز للمغتاب الانتقام من ظالمه بإظهار عيوبه،
وقوله سبحانه: «لا يحبّ اللّه الجهر بالسوء إلا من ظُلم» فإنّه في نفسه دالّ على جواز إظهار المظلوم مساويء ظالمه، بلا حاجة إلى
الرواية أو قول بعض المفسّرين، لأنّ قوله سبحانه «من القول» كما مرّ سابقاً بيان للجهر بالسوء وإظهاره.

والحاصل أنّ ظاهر الآية حرمة إظهار الإنسان المساويء والقبائح التي ارتكبها هو أو غيره، إلا إذا كان الجاهر بهامظلوماً يجهر بمساوئ ظالمه،

ومناسبة الحكم والموضوع مقتضاها دخل الظلم في جواز الاغتياب، بحيث لولا ظلمه لما جاز اغتيابه، وأمّا اختصاص الجواز بخصوص
ظلمه بحيث لا يجوز إظهار سائر عيوبه، فلا تقتضيه المناسبة، بل مقتضاها بيان جميعهاحتّى يحصل للناس إمكان التصديق
بظلمه.

ثمّ إنّ المصنّف «ره» أيّد جواز التظلّم بأن في منع المظلوم عنه حرجاً عليه، حيث أنّ التظلّم نوع من التشفّي. ولا يخفى ما

فيه، فإنّه ليس في البين الحرج الرافع للتكليف، خصوصاً فيما إذا كان للمظلوم حجّة على ظالمه تمكّنه من طرح دعوه في
المحاكم للأخذ بحقّه، وبأنّ في جواز التظلّم وتشريع الجواز مظنّة ردع للظالم. وفيه أنّ هذا على تقدير تماميته لا يختصّ
بالمظلوم، لعدم اختصاص منع الغير عن المنكر بشخص دون شخص. وبهذا يظهر الحال فيما استظهره مما ورد في اغتياب الإمام الجائر،
حيث أنّ جواز اغتيابه لا يختصّ بخصوص المظلوم، بل يعمّ كلّ شخص، فيجوز لهم ذكر عيوبه. نعم في النبوي لصاحب الحقّ
مقال، وفي ظاهره جواز إظهار المظلوم حقّه وبيان ما أصابه من الظلم ولو كان البيان إظهاراً لعيب الآخر.