پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص176

ولكنّ الصحيح أنّه يرفع اليد عن إطلاق المفهوم بالتقييد الوارد في صحيحة ابن أبي يعفور التي هي الأمر الخامس في المقام قال

أبو عبداللّه (ع) فيها بعد السؤال عن العدالة في الرجل: «تعرفوه بالستر والعفاف وكفّ البطن والفرج واليد واللسان ـ إلى أن قال
ـ: والدلالة على ذلك أن يكون ساتراً لجميع عيوبه حتّى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من تفتيش عثراته وعيوبه»، فإنّ ظاهرها
اعتبار الستر في حرمة الفحص عن عيوبه فيجوز مع عدم الستر، ولا يحتمل الفرق في الجواز وعدمه بين التفتيش عن سائر عيوبه
وبين إظهارها بعد العلم بها. وهذه الصحيحة مع رواية هارون ابن الجهم تكون قرينة على رفع اليد عن إطلاق المفهوم في الموثقة.

السادس: رواية علقمة المحكية عن المحاسن: «من لم تره بعينك يرتكب ذنباً ولم يشهد عليه شاهدان، فهو من أهل العدالة والستر،

وشهادته مقبولة، وإن كان في نفسه مذنباً، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية اللّه تعالى داخل في ولاية الشيطان» وظاهرها أنّ
حرمة الاغتياب متفرّعة على كون الشخص من أهل الستر، وقبول شهادته على كونه من أهل العدالة. ومقتضى هذا التفريع جواز اغتيابه
عند عدم كونه من أهل الستر. ودعوى ـ أنّ قوله (ع) «ومن اغتابه بما فيه» جملة مستأنفة مستقلّة وغير متفرّعة على كونه من أهل
الستر، فتكون دلالتها على جواز اغتياب غيره ممن لا يكون ساتراً لعيوبه من قبيل مفهوم اللقب ـ يدفعها أنّها خلاف ظاهرها. نعم
يمكن أن يقال بدلالتها على عدم جواز الاغتياب مع عدم إحراز فسق الشخص، كما إذا لم تره منه ولم تقم عليه شهادة. وعلى جوازه مع علمه به
أو قيام الشهادة عليه، بلا فرق بين المتجاهر وغيره، نظير الاطلاق المتقدّم في الموثقة. وما رفعنا به اليد عن الاطلاق المزبور نرفع
اليد به عن إطلاق هذه الرواية أيضاً.

وقد يقال: إنّ مفهوم رواية علقمة سالبة بانتفاء الموضوع، فإنّ مفهومها من ترى بعينك عصيانه أو قام عليه شهادة، فليس من أهل

العدالة والستر، فلا تكون شهادته مقبولة وغيبته محرّمة. والمراد أنّه لا يكون ذكره عندك غيبة، فإنّه كشف أمر مستور، ومع العلم به
لا يكون كشف للمستور.

وفيه ما لا يخفى، فإنّه لم يفرض في الرواية ذكر ذلك الذنب حتّى يقال لا يكون ذكره عند العالم به اغتياباً، بل المراد نفي

الحرمة عن ذكر سائر عيوبه التي لا يعلم بها الشخص، ويكون ذكرها من الغيبة، فلابدّ من حملها على المتجاهر كما تقدّم.