پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص175

وكذا الحال في مدّعي النسب، فإنّه يمكن ردّ دعواه بنحو لا يكون ظاهراً في كون دعواه من قبيل التعمّد إلى الكذب، كما إذا قال إنّك

على خطأ وليس لك هذا النسب. وأمّا الغيبة في مقام النصح، ففي جوازها تأمّل، حيث أنّ النسبة ـ بين ما دلّ على استحباب نصح
المؤمن وما دلّ على حرمة الغيبة ـ العموم من وجه، ولابدّ في مورد الاجتماع من تقديم قوله سبحانه: «ولا يغتب» كما هو الحال في كلّ
مورد تعارض الخبر والآية بالعموم من وجه، مع أنّ دلالة الآية على العموم وضعي، فيقدّم الإطلاقي حتّى فيما إذا كان الاطلاقي في
الآية أيضاً، وتفصيل ذلك في الأُصول. وعلى كلٍّ فيمكن نصح المؤمن في ذلك المورد بنحو لا يدخل في عنوان الاغتياب، كما إذا
قال لأخيه المؤمن: إنّي لا أرى صلاحاً في تزويج ابنتك من فلان، ولا يلزم أن يظهر أنّه شارب الخمر مثلاً.

أحدهما ما إذا كان متجاهراً بالفسق[1].

[1] ويستدلّ على جواز اغتياب المتجاهر بفسقه بأُمور:

الأوّل: رواية هارون بن الجهم عن الصادق (ع) قال: «إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة»(194) وفي سندها أحمد بن هارون ولم

يوثّق. نعم روى الصدوق «ره» عنه مترضّياً عليه، ولعلّ ذلك لا يخلو عن الإشعار إلى حسن حاله، ولكن لاعتبار بالاشعار.

الثاني: مرسلة المفيد «ره» في الاختصاص عن الرضا (ع)، قال: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له على ما رواه في المستدرك.

الثالث: ما رواه عبداللّه بن جعفر الحميري عن السندي بن محمد، عن أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: «ثلاثة ليس لهم

حرمة: صاحب هوى مبتدع، والإمام الجائر، والفاسق المعلن بالفسق»(195) والرواية ضعيفة بأبي البختري، فإنّه وهب بن وهب، وقال
الفضل بن شاذان في حقّه: إنّه أكذب البرية.

الرابع: موثّقة سماعة عن أبي عبداللّه (ع) قال: «من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلا يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، كان ممن حرمت

غيبته وكملت مروته وظهر عدله ووجبت اخوّته»(196) فإنّ مفهومها انتفاء حرمة الغيبة مع انتفاء الشرط، ولكنّ المفهوم جواز غيبة
الفاسق المحرز فسقه، سواء كان متجاهراً أو متستراً، حيث أنّ المذكورات في الشرط بمجموعها طريق إلى عدالة الشخص، فيكون
إحرازها إحرازاً لعدالته وخلافها إحرازاً لفسقه، وترتب حرمة الاغتياب على صورة ثبوت الطريق إلى عدالته مقتضاه عدم الحرمة في
الصورة الثانية، كان متجاهراً بفسقه أم لا، والمفهوم المزبور أخصّ مما دلّ على حرمة اغتياب المؤمن، فيرفع اليد عن إطلاقه
بالمفهوم، فيختصّ ما دلّ على حرمة الاغتياب بما إذا لم يظهر فسق المغتاب. ولا فرق في جوازها مع ظهوره بين كونه متجاهراً أو لا.