ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص173
[1] وحاصله أنّه يستفاد من الأخبار أنّ ملاك حرمة الغيبة حصول انتقاص المؤمن بها وسقوطه عن أعين الناس ولأنه يتأذى بها، وإذا
فرض أن مصلحة رعايتها راجحة على رعاية ملاك الغيبة كانت جائزة، ولا فرق بين كون تلك المصلحة راجعة إلى المغتاب بالكسر، كما
إذا كانت غيبته مانعة له عن المنكر، أو إلى المغتاب بالفتح كما إذا كانت غيبته تظلّماً وموجباً لاسترداد حقّه، أو إلى شخص
ثالث، كما فى نصح المستشير، حيث أنّ المصلحة ترجع إلى ذلك المستشير. والمراد بالجواز معناه الأعم، فلا ينافي كونها واجبة كما
في الموارد التي تكون المصلحة المترتبة عليها لازمة الرعاية. وهذا ـ أي رعاية المصلحة الراجحة ـ لا يختص بالمقام، بل يجري في كل
مورد ثبت فيه ملاكان سواء كانت ذلك المورد من حقوق اللّه فقط أو حقوق الناس أيضاً، ويشير إلى ذلك ما في جامع المقاصد من أنّ
ضابط الغيبة المحرّمة كلّ فعل يقصد به هتك عرض المؤمن أو التفكه به أو إضحاك الناس منه. وأمّا ما كان لغرض صحيح فلا يحرم،
كنصح المستشير والتظلّم وسماع التظلّم والجرح والتعديل، ورد من ادّعى نسباً ليس له، والقدح في مقالة باطلة خصوصاً في
الدين.
أقول: إنّ كون الملاك في حرمة الغيبة سقوط المغتاب بالفتح عن أعين الناس صحيح، ولكن لا يكون تأذّيه ملاكاً، فإنّه ربما لا
يكون في البين تأذ، كما إذا لم يسمع المغتاب ما قيل في غيابه أو في وجهه، ويكون تأذّيه ناشئاً عن بلوغ ما قيل في غيابه إليه.
وهذا الإبلاغ الذي يحصل معه تأذّيه فعل شخص آخر غير المغتاب بالكسر، ولذا ربما يقول المغتاب بالفتح لمن أبلغها إليه لمَ
أخبرتني بها، فإنّ إخبارك إيذاء لي.