ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص170
[1] قد تقدّم أنّ حدّ الغيبة كشف ما ستره اللّه على المؤمن من عيبه، فلا يكون اغتياب في إظهار ما لا يكون من العيب، كما إذا قال
إنّه ليس بمجتهد، أو ليس بأعلم، فإنّ نفي الكمال لا يعد من إثبات العيب، حتّى فيما إذا كان المنفي عنه مدّعياً لذلك الكمال،
كما لا يكون اغتياب في العيوب الظاهرة، أي في العيوب التي شأنها الظهور كالعور والحول والقصر وسوء الخلق ونحوها، أو كان من الممكن
ستره ولكن اللّه لم يستره على صاحبه، كما إذا علم الناس به.
ويدلّ على ذلك مضافاً إلى ما تقدّم ما في حسنة عبدالرحمن بن سيابة المتقدمة من قوله (ع): «وأما الأمر الظاهر مثل الحدة والعجلة
فلا» وعلى ذلك فلا بأس بإظهار العيوب الظاهرة لمن لا يعلم بها، نعم يجب أن لا يكون بعنوان الإهانة وقصد هتكه، بل بداع آخر ولو كان
ذلك مجرد اطلاع الطرف عليه، فإنّه سيأتي عدم جواز إهانة المؤمن غير المتجاهر بفسقه.
ثمّ إنّه ليس المراد بالعيب في المقام خصوص الفسق، بل كلّ ما يكون مستوراً على الإنسان وفي إظهاره مهانة لكرامته وأكل للحمه،
فإظهاره اغتياب له، كما إذا قال: «إنّه حال صباه فعل كذا أو كذا أبوه كذا) نعم في رواية داود بن سرحان «هو أن تقول لأخيك في دينه مالم
يفعل، وتبث عليه» إلا أنها مع ضعف سندها يمكن المناقشة في دلالتها أيضاً، كما لا يخفى.
[1] لا يخفى أنّه مع عدم تعيين المغتاب بالفتح وإن لا يكون كشف لعيبه المستور عليه، فلا يصدق على الإظهار المزبور عنوان
الغيبة، إلا أن ملاك حرمتها وهو إيراد النقص على مؤمن، وإسقاطه عن أعين الناس بل عنوان أكل لحمه الوارد في موثقة أبي بصير المتقدمة
موجود بالإضافة إلى كلّ منهما، فإنّه بذلك يكون كلّ منهما معرّضاً للتهمة. وأمّا كراهة كلّ منهما وعدمه، فقد تقدّم أنّه لا دخل لكراهة
الطرف في تحقّق عنوان الغيبة، بل ولا في حرمة الإظهار وعدمها. ومن ذلك يظهر حال ما إذا قال أهل هذه القرية أو البلدة كذا، وكان عليهم
غالبهم، حيث أنّه إن أراد الكل كان بهتاناً وإن أراد الغالب وكان الموجود ما ستره اللّه عليهم فهو اغتياب حكماً، وإلا فلا بأس بذلك
القول.