پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص157

وربّما يبكي من خلال ذلك[2].

[2] ويظهر ذلك بملاحظة مثل الأب الذي مات ولده الشاب المحبوب له، فإنّه يقرأ عنده تعزية سيدالشهداء وولده الأكبر (ع)، ويبكي أشدّ

البكاء، مع أنّه لم يكن يبكي من قبل بمثل هذه التعزية، فإنّ بكاءه حقيقة لموت ولده، ثمّ انّ الوجه في هلاك الرجل المتستر
المفروض ما أشرنا إليه من أنّ الجهل بحرمة هذا النحو من كيفية القراءة في التعزية أو غيرها شبهة حكمية منشأها الجهل بعموم مفهوم
الغناء وشموله لها، والجهل في تلك الشبهة لا يكون عذراً إلا بعد الفحص وعدم الظفر بما يكون دليلاً على حرمة تلك الكيفية، كما لا
يخفى.

أما الأول فلأنّه حكي عن المحدِّث الكاشاني[3].

[3] المنسوب إلى المحدّث الكاشاني وصاحب الكفاية جواز الغناء وأنّ الحرام ما يقترن به من المزمار، ودخول الرجال على النساء ونحوهما،

وأنّ الأخبار الناهية عن الغناء ناظرة إلى المتعارف في ذلك الزمان، وهو الغناء المقترن بالأباطيل والمحرّمات، ولعلّه يشير إلى ذلك
قوله (ع) في صحيحة أبي بصير «أجر المغنّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس، وليست بالتي يدخل عليه الرجال»(173)،
ويمكن دعوى ظهور الجواز من بعض الروايات الأُخرى، كخبر أبي بصير قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) عن كسب المغنّيات؟ فقال:
التي يدخل عليها الرجال حرام، والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس، وهو قول اللّه عزّ وجلّ»(174)، وخبر علي بن جعفر عن قرب
الإسناد عن عبداللّه بن الحسن قال: «سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر والأضحى والفرح؟ قال: لا بأس به مالم يعص به»(175)،
ورواه علي بن جعفر في كتابه إلا أنّه قال: مالم يزمر به، وفي بعض النسخ: مالم يؤمر به، والصحيح هو الأول. وظاهر هذه أيضاً جواز
الغناء في نفسه، حيث لا يحتمل جوازه في الأعياد والأفراح كلّها وحرمته في غير ذلك.

أقول: ما ذكر من نظر الأخبار الناهية إلى الغناء المتعارف في ذلك الزمان وكان مقارناً بالأباطيل والمحرّمات الأُخر فاسد، فإنّه ـ

مضافاً إلى أنّ النهي عن عنوان ظاهره كونه المنهي عنه، لا كونه إشارة إلى عنوان آخر يكون مقارناً له أو متّحداً معه بعضاً أو غالباً ـ
أنّ إنكار الترخيص راجع في موثقة عبدالأعلى إلى نفس القول والغناء، لا إلى استعمال الملاهي أو غيره من المحرّمات. وأمّا صحيحة
أبي بصير فلابدّ من حمل قوله (ع) بالتي يدخل عليها الرجال على العنوان المشير، يعني إلى التي تغنّي في غير الزفاف،
ولعلّ دخول الرجال عليها كان متعارف في غنائها في غير الزفاف. ويحتمل أن يكون قوله: «وليست “ إلخ» حالاً، أي التي تزفّ
العرائس لا بأس بكسبها حال عدم دخول الأجانب عليها، وعدم دخولهم من باب المثال والمراد عدم ارتكاب محرّم آخر. ولا بأس بالالتزام بجواز
الغناء في الأعراس مالم يقترن بمحرّم آخر، حيث أنّ حلّ الكسب بعمل يلازم جواز ذلكا لعمل.