ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص152
بقي في المقام أمران:
الأوّل: أنّ ما ذكره الشهيد «ره» من التردّد في صحّة بيع هذا بعنوان الفرس فبان حماراً، وأنّه يبتني على تقديم الإشارة على
العنوان فهو أيضاً غير صحيح، فإنّ مثل عنوان الفرس من العناوين المقوّمة للمبيع، فيكون مقدّماً على الإشارة بلا ريب، حيث
أنّ البيع يتعلّق بالعين الخارجية بما أنّه ينطبق عليها ذلك العنوان ويقصد المشتري شراء الفرس والبايع يريد بيعه. وإسناد
البيع إلى المشار إليه باعتبار اعتقادهما أنّه فرس وهذا بخلاف مسألة الاقتداء، فإنّه يمكن فيها أن يقصد المأموم الاقتداء بزيد،
وإشارته إلى الحاضر باعتبار اعتقاده أنّه زيد، وهذا معنى تقديم الوصف، ويمكن أن يقصد الاقتداء بالحاضر زيداً كان أو غيره،
ولكنّ توصيفه بزيد باعتبار اعتقاده أنّ الحاضر فعلاً هو لا عمرو، كما هو تقديم الإشارة، وبما أنّ القصد من الأُمور الوجدانية، ولا
يمكن فيها الشكّ حال حصولها، فيمكن للمأموم حصول التردّد بعد فراغه عن العمل.
الثاني: ذكر المحقّق الأيرواني «ره» أنّ الذي يظهر لي من الأخبار أنّ الغشّ بعنوانه لا يكون محرّماً، بل هو محرّم بعنوان الكذب.
وفيه أنّه لم يعلم وجه هذا الظهور، سواء كان الغش في المعاملات أو غيرها، بعد ما ذكرنا من أنّ أخذ عنوان ـ موضوعاً في خطاب الشرع، وإن
احتمل كونه مشيراً إلى عنوان آخر ـ يكون هو الموضوع واقعاً إلا أنّ هذا خلاف ظاهر الخطاب، فإنّ مقتضى أصالة تطابق مقام الإثبات مع
مقام الثبوت أن يكون الموضوع في خطاب هو الموضوع للحكم واقعاً، بل القرينة ـ في المقام على أنّ الغشّ بعنوانه موضوع للحكم لا
بعنوان الكذب ـ ظاهرة ، حيث أنّ الأحكام المتقدّمة من التكليف والوضع تترتّب، حتّى فيما إذا كان غشّ البايع مثلاً بعنوان
التورية لا الكذب، ولذا يتعدّد العقاب في فرض الغش بالكذب، فلاحظ وتدبّر.