ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص150
نعم إذا كان النقص مما يعرفه الناظر في المبيع، فلا يجب إعلام المشتري بالحال إلا فيما إذا كان فعله بقصد التلبيس، لعدم صدق
الغش على ترك الإعلام، حيث إنّ الغش بمعناه المصدري ضدّ النصيحة لا ترك النصيحة مطلقاً ليتحقّق بمجرّد ترك الإعلام. نعم
إذا أظهر ما يكون إغراءاً أو موجباً لوقوع الآخر في خلاف الواقع كان ذلك غشّاً في المعاملة.
[1] يقع الكلام في حكم المعاملة، فنقول: الغشّ إمّا بإخفاء الأدنى من الأعلى، كمزج الجيّد بالرديء، أو بإخفاء غير المراد في المراد،
ونعني بالمراد ما ينطبق عليه عنوان المبيع، ومن غيره ما لا ينطبق عليه، أو بإظهار الصفة الجيّدة في المبيع مع عدمها واقعاً،
ويعبّر عنه بالتدليس، أو بإظهار ما لا ينطبق عليه عنوان المبيع بصورة ما ينطبق عليه، كمبيع المموّه وما يكون مصبوغاً بماء
الذهب بعنوان أنّه ذهب.
ثمّ انّ الغش وإن كان محرّماً، لكنّ النهي عنه لا يقتضي فساد المعاملة فيما إذا لم يخرج المغشوش بالغش عن عنوان المبيع، كما
في مزج الماء باللّبن، مع استهلاك الماء باعتبار قلّته، فيكون البيع صحيحاً، غاية الأمر يثبت للمشتري خيار العيب مع جهله
بالحال، ونظيره ما إذا كثر التراب في الحنطة، فإنّ كثرة التراب فيها لا يخرج المبيع عن عنوان الحنطة، بل تعدّ معيوبة. وما ذكره
المصنّف «ره» في الفرق بين المثالين لا يرجع إلى محصّل، وإذا خرج المبيع بالغشّ عن عنوان المبيع، بحيث لم يصدق ذلك
العنوان على الموجود، كما في بيع المموّه كان البيع باطلاً، باعتبار أنّ عنوان المبيع يكون بنظر العرف مقوّماً للبيع، ومع
فقده لا يكون بيع، وهذا بخلاف ما إذا صدق عليه عنوانه، ولكن خرج بالغش عن الوصف الملحوظ فيه، فإنّه مع فقد الوصف يكون المورد
تارةً من تخلّف الوصف المشترط، ومن تخلّف الداعي أُخرى، وإذا لم يستهلك غير المراد في المراد، بأن كان الموجود هو المبيع
وغيره، فيتبعّض البيع، ويكون بالإضافة إلى المراد صحيحاً، كما إذا خلط دهن النبات بدهن الحيوان بلا استهلاك أحدهما في الآخر،
وباعه بعنوان دهن الحيوان وبالإضافة إلى غيره باطلاً باعتبار عدم القصد إلى بيعه.