ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص149
وظاهرهما وإن كان جواز الخلط، ولكن عدم بيان ذلك للمشتري الغافل غشّ محرّم، فيجب الإعلام به. ويستفاد ذلك من رواية سعد
الاسكاف(161) فإنّ النقص في موردها وإن كان يظهر بملاحظة المبيع وعدم التسامح في معرفته، إلا أنّ عدم الإظهار عدّ فيها غشّاً.
ويمكن حمل هذه الروايات الظاهرة في الغشّ بالنقص غير الخفي على صورة كونه بفعل البايع، بقصد تلبيس الأمر على المشتري،
فلا يجب عليه الإعلام إلا في هذه الصورة. وأمّا إذا كان بداع آخر أو بفعل شخص آخر، كما إذا اشترى طعاماً مختلطاً من الجيد والرديء،
وأراد بيعه من آخر ثانياً، فلا يجب عليه الإعلام. وأمّا المخفي وإن كانت الحرمة فيه أيضاً ببيع المغشوش مع جهل المشتري بالحال،
إلا أنّه لا فرق فيه بين كون الغش بفعله أو بفعل آخر أو لغرض آخر، ففي جميع ذلك يجب الإعلام.
ثمّ إنّه «ره» ساوى بين النقصين، وذكر أنّه لا يجب عليه الإعلام إلا في مورد قصد التلبيس. وأمّا ما هو ملتبس في نفسه فلا
يجب. نعم لا يجوز إظهار سلامة المبيع وعدم وجود النقص فيه، بلا فرق في ذلك بين النقص الخفي وغيره، فالعبرة في حرمة الغش
بقصد التلبيس على المشتري.
وقال «ره»: «إنّ في التفصيل الوارد في صحيحة الحلبي الأُولىشهادة لذلك» قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) عن الرجل يشتري
طعاماً، فيكون أحسن له وأنفق أن يبلّه، من غير أن يلتمس زيادته، فقال: إن كان بيعاً لا يصلحه إلا ذلك ولا ينفقه غيره، من غير
أن يلتمس فيه زيادة، فلا بأس، وإن كان إنّما يغشّ به المسلمين، فلا يصحّ»(162) فإنّه (ع) جوّز بلّ الطعام بدون الإعلام مع عدم
قصد الزيادة، لأنّ الرواية لو كانت ناظرة إلى صورة الإعلام لم يكن وجه للتفصيل في الجواب بين قصد الزيادة وعدمه، فإنّه مع
الإعلام يجوز البلّ مطلقاً.
أقول: لم يظهر من صحيحة الحلبي جواز السكوت، فيما إذا كان في المبيع ما لا يعرف إلا من قبل البايع، ولو لم يكن ذلك بفعل
كحيوان أكل ما يوجب موته، بل يكون ترك الإعلام في بيعه غشّاً، فيعمّه ما دلّ على حرمة الغش.
لا يقال: النقص في المبيع إذا كان من قبيل العيب فعلى البايع الإعلام به مطلقاً سواء كان العيب خفياً أم لا، لأنّ بيعه
بالتزام الصحة مع علمه بالعيب يعدّ غشّاً، كما لو صرّح بأنّه يبيعه على شرط الصحّة، والحيوان الذي أكل ما يوجب موته من
بيع المعيوب على شرط السلامة.
فإنّه يقال: الموجب لصدق الغش عدم إعلام البايع بالعيب مع علمه به، حتّى فيما لو تبرّأ من عيوب المبيع، حيث يعدّ بيع
الحيوان المزبور غشّاً، حتّى مع التبري منها، وإلا فليس الالتزام بالصحّة إخباراً عنها ليقال انّ الالتزام بها مع العلم بالعيب
غشّ، بل معناه جعل الخيار للمشتري على تقدير العيب، كما سيأتي في بحث الخيارات إن شاء اللّه تعالى.