ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص143
[1] أي أنّ اللّه يبرأ منه بعد تعلّمه السحر والرواية(145) سندها معتبر ومثلها الأُخرى.
[2] المراد باللطيف والدقيق هو الخفي أي أنّ السحر هو ما يكون سببه ومأخذه خفيّاً. وهذا كتعريف الزرافة مثلاً بأنّه حيوان شرح
أسمي، وبيان للمعنى بالوجه العام، وإلا لصحّ إطلاق السحر على كلّ ما يكون سببه خفياً كالرؤيا الصادقة التي لا نعرف منشأها.
ثمّ إنّ هذا التعريف لا ينافي أن يكون للسحر حقيقة، كما عن بعض، بخلاف التفاسير المذكورة عن أهل اللغة بعد هذا التعريف،
فإنّ مقتضاها عدم ثبوت الحقيقة له، كما عن بعض آخر، منهم المحقّق الايرواني. ويستدلّ عليه بقوله سبحانه في قضية سحرة
فرعون: «فإذا حبالهم وعصيّهم يخيّل إليه من سحرهم أنّها تسعى»(146)، وقوله: «فلمّا ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم»(147)،
وبما أنّ السحر أمر خيالي لا حقيقة له، فعبّر سبحانه عن السحر بالكيد في قوله: «فتولّى فرعون وجمع كيده»(148)، نعم لا
يلتفت الغير غالباً إلى فعل الساحر، وأنّه أمر خيالي، فيرتّب عليه أثر الواقع، فيركض بعد خياله أنّ في أطرافه ناراً
تحرقه بالمكث، ويفترق عن زوجته بعد تخيّله أنّها عدوّته الأُولى والأخيرة، وهكذا.
ولكن لا يخفى أنّه لا دلالة في الآية على أنّ السحر على الاطلاق أمر خيالي، بل الحلّ والعقد يكونان بالسحر، ويبعد كونهما
بالخيال. هذا مع ما ورد في سحر بعض الناس على النبي (ص) والالتزام ـ بالتخيّل بالإضافة إلى الرسول الأكرم ـ كما ترى.
لا يقال: ما الفرق بين السحر وبين المعجزة، بناءاً على القول بأنّ للسحر حقيقة ولو في الجملة.