ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص137
أقول: الأظهر الحكم بالبطلان في جميع الصور، فإنّ الرشوة في الحكم هو المال المعطى للقاضي للحكم له، بحيث لا يعطى المال لو
علم بعدم الحكم له، بلا فرق بين إعطائه ذلك المال مجاناً أو مع جعل عوض له. وما تقدم ـ من اعتبار كون الإعطاء مقابل الحكم له باطلاً أو
مطلقاً ـ يراد به الأعمّ من جعل الحكم له شرطاً أو عوضاً أو داعياً إلى الإعطاء. وبما أنّ إعطاء المبيع في الصور الثلاث للقاضي
بداعي الحكم له أو باشتراطه عليه، فيدخل في عنوان الرشوة في الحكم ويكون سحتاً، بل إذا باعه من القاضي بثمن المثل، ولكن كان
البيع بداعي الحكم له، بحيث لولا حكمه له أمسك على متاعه ولم يبعه لا منه ولا من غيره، كما يتّفق ذلك في بعض أزمنة عزّة وجود
المبيع كان المبيع محرّماً وسحتاً.
[1] كما في المال المجعول عوضاً للحكم له بنحو الجعالة، والثاني كما إذا كان عوضاً له في الاجارة، ثمّ انّ ضمان اليد فيما إذا كان
المال جعلاً أو أجراً على الحكم واضح، وكذا ما إذا كان الحكم له شرطاً في إعطائه بأن يكون الإعطاء المزبور من الهبة المشروطة، حيث أنّ
المال في صورة الاشتراط، وأن لا يكون عوضاً عن الحكم، إلا أنّ المدرك لضمان تلف المال في اليد وهي السيرة الجارية من العقلاء
تعمّ موردها، كما يعمّه حديث على اليد ما أخذت، ولكنّه لضعفه سنداً لا يصلح إلا للتأييد. وأمّا إذا كان الحكم له داعياً إلى تمليك
المال بلا أخذه عوضاً أو شرطاً، يكون التمليك المزبور من الهبة الفاسدة مجاناً، فلا ضمان فيها كما لا ضمان في صحيحها.
ثمّ إنّ رضا صاحب المال بتصرّف القاضي في الرشوة أو في الجعل والأُجرة لا يوجب جواز التصرّف له، لأنّ رضا صاحبه
بعنوان الرشوة، وهذا العنوان لا يوجب جواز أكل المال ولا جواز التصرّف، ولم يرض المالك بالتصرّف فيه بعنوان آخر كما هو الفرض.