ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص132
ثمّ انّ المعدود من السحت ـ في صحيحة الخصال وهو أجر القضاة بظاهره ـ يعمّ ما إذا كان العوض لنفس الحكم أو على مقدّماته.
والالتزام ـ بأنّ المحرّم هو العوض لنفس الحكم ـ لا وجه له، فإنّه فرق بين كون السحت هو الأجر على القضاء أو أجر القضاة،
فالمناسب للالتزام المزبور هو الأوّل. والمذكور في الصحيحة هو الثاني الشامل له وللآخر على ما هو شؤون القضاء، كالنظر في أمر
المترافعين أو غيره من مقدّماته. نعم في البين رواية يوسف بن جابر قال: «قال أبو جعفر (ع): لعن رسول اللّه (ص) من نظر إلى
فرج امرأة لا تحلّ له، ورجلاً خان أخاه في امرأته، ورجلاً احتاج الناس إليه لتفقّهه فسألهم الرشوة»(135).
وربما يستظهر منها حرمة أخذ الأُجرة في خصوص صورة تعيّن القضاء، حيث أنّ حمل الاحتياج فيها على الحاجة إلى نوعه خلاف ظاهرها،
بل ظاهرها الاحتياج إلى الشخص، ولكن لا يخفى ما في الاستظهار، لأنّ صدق الحاجة في مورد يكون الرجوع فيه إلى الشخص من
التخيير في الرجوع بين المجتهدين ظاهر، بل على تقدير تسليم الظهور فلا تصلح ـ لضعف سندها ـ لرفع اليد بها عن إطلاق
الصحيحة المعدود فيها أجر القضاة من السحت كما مرّ. نعم حملها على سؤال الرشا للحكم للراشي حقّاً كان أو باطلاً خلاف ظاهرها.
وظاهرها سؤال الأجر على فقهه وقضائه وإطلاق الرشوة عليه للتأكيد في حرمته.
وربّما يستدلّ على عدم جواز أخذ الأُجرة على القضاء بصحيحة عبداللّه بن سنان قال: «سُئل أبو عبداللّه (ع) عن قاض بين
قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق، فقال: ذلك السحت»(136)، وأورد عليه المصنّف «ره» بأنّ الرواية غير ناظرة إلى أخذ
العوض والأجر، بل ظاهرها ارتزاق القاضي من السلطان، فلابدّ من حملها على صورة عدم كونه أهلاً للقضاء بقرينة كونه منصوباً من
قبل السلطان الجائر، وإلا فلا مناص من ارتزاق القاضي من بيت مال المسلمين، سواء أخذه من السلطان العادل أو الجائر، وفيه أنّ ذكر
قيد على القضاء في الرواية قرينة على كون المراد بالرزق هو الأجر على الحكم، وإلا كان ذكر القيد لغواً، ولا حاجة أيضاً إلى حمل
كونه من غير بيت المال كما ذكر المصنّف «ره» في آخر كلامه.