پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص124

الخامس: قوله (ع) في رواية عبدالملك حيث شكا إلى الصادق (ع) «إنّي ابتليت بالنظر إلى النجوم، فقال: أتقضي؟ قلت: نعم، قال:

احرق كتبك» وفيه أنّ المطلوب في المقام إثبات وجوب محو الكتب المزبورة نفسياً، بأن كان أحد الوظائف الشرعية محو كتب
الضلال، فإن كان الأمر بالإحراق في الرواية ظاهراً في الإيجاب النفسي يتعدّى إلى المقام، باعتبار أنّ كتبه لو لم تكن أكثر
فساداً من كتب النجوم فلا أقلّ من مساواتها لها. وأمّا إذا كان الأمر المزبور ظاهراً في الإرشاد إلى الخلاص من القضاء المحرّم، فلا
يمكن في المقام إلا إثبات الأمر الإرشادي، مع إحراز ترتّب الحرام على الحفظ. ولا ريب في أنّ ظهور الأمر بالإحراق هو الثاني. وعلى
كلّ حال فلا يثبت بالرواية مع الإغماض عن سندها وجوب محو كتب الضلال وعدم جواز إبقائها حتّى مع الاطمئنان بعدم ترتب الحرام
عليها. والأظهر في المقام أن يقال بناءاً على وجوب دفع المنكر كما لو استفدناه من أدلّة النهي عن المنكر يتعيّن في المقام الالتزام
بوجوب محو كتب الضلال التي لا يترتب عليها إلا الضلال. وأمّا إذا لم نقل به فيمكن القول بعدم جواز الاستنساخ والحفظ، فيما إذا
كان المترتّب عليها الاضلال بآية النهي عن شراء اللهو. وأمّا وجوب المحو فلا دليل عليه، كما لا يخفى.

نعم، المصلحة الموهومة[1].

[1] بمعنى أنّه لا يجوز إبقاء كتب الضلال فيما إذا كان ذلك معرضاً لترتّب الفساد عليها، ولا أثر لاحتمال ترتّب مصلحة أقوى

على إبقائها، فيما إذا كان الاحتمال موهوماً وكذا لا يجوز إبقاؤها فيما إذا كان ترتّب الفساد عليها قطعياً والمصلحة المترتبة من
قبيل المنفعة النادرة التي لا يعتد بها، وأمّا إذا لم يكن الأمر كذلك، بأن كان ترتّب الفساد موهوماً أو كانت المصلحة المترتبة أقوى
من الفساد أو أقرب احتمالاً من ترتّب الفساد، ففي جميع ذلك لا دليل على حرمة حفظها كما هو مقتضى الميزان الوارد في رواية تحف
العقول، والاستفصال المذكور في رواية عبدالملك المتقدّمة فإنّه لو تمّ الاطلاق في ناحية مثل قوله سبحانه: «واجتنبوا قول
الزور» فلابدّ من رفع اليد عنه بدلالة حديث تحف العقول والرواية، اللّهمّ إلا أن يدّعى الإجماع على حرمة الإبقاء مطلقاً أو يلتزم
بإطلاق معقد نفي الخلاف، ومع هذهالدعوى أو الالتزام فلا عبرة بترتّب الفساد وعدمه، بل لابدّ من تنقيح العنوان الذي وقع مورد
الإجماع أو نفي الخلاف، وأنّ المراد بكتب الضلال فيه الكتب التي تكون مطالبها باطلة وإن لم توجب ضلالاً، أو أنّ المراد بها
الكتب التي تكون موجبة للضلال، وإن كانت مطالبها حقّة، كبعض كتب العرفاء والحكماء المشتملة على ظواهر مضلّة، ويدّعون أنّ
المراد غير ظاهرها.

أقول: ما ذكره من دعوى الإجماع واستفادته من نفي الخلاف غير صحيح، فإنّ الإجماع لا يحرز إلا في مسألة تعرّض لحكمها معظم الفقهاء

أو جميعهم مع اتفاقهم على ذلك الحكم، ونفي الخلاف يكفي فيه اتفاق جماعة قليل تعرّضوا للمسألة فكيف تكون دعوى نفي
الخلاف كاشفة عن الإجماع مع أنّ الإجماع في المقام محصّلة لا قيمة له فضلاً عن منقوله، حيث أنّ الظاهر ـ ولا اقلّ من الاحتمال ـ كون
المدرك في حكمهم بحرمة الحفظ ما ذكر من حكم العقل الموهوم أو دلالة الآية.

قبل نسخ دينهما[2].

[2] التقييد بما قبل نسخ دينهما باعتبار أن اليهود والنصارى بعد نسخ دينهما في ضلال، باعتبادهما ببقاء الدين المنسوخ فلا

يوجب لهم التحريف في كتابهما ضلالاً آخر.