پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص122

الظاهر عدم الإشكال في كون الفرق الثلاث[3].

[3] لم يظهر أنّ مجرّد الاعتقاد بتفويض التدبير إلى الأجرام العلوية موجباً للكفر، سواء قيل بحدوثها زماناً أو بقدمها كذلك، وإلا

لكان القائل باستغناء الشيء في بقائه عن العلّة محكوماً بالكفر، باعتبار عدم التزامه باستناد الحوادث إلى اللّه سبحانه
وتعالى. نعم بطلان تأثير الأجرام العلوية في الحوادث السفلية من الواضحات، وتأثيرها فيها بنحو العلّة التامّة خلاف الآيات
والروايات الدالّة على الترغيب في الدعاء والتضرّع إلى اللّه سبحانه في دفع الملمات والبلايا، ونزول البركات، فإنّ لازم ما ذكر
كون اللّه تعالى مغلول اليدين لا يفعل شيئاً ولا يفيد الدعاء والتضرّع إليه أمراً، وإنكار إضافة الحوادث إلى اللّه تعالى مع
الالتفات إلى وضوحها بحسب الآيات والروايات يكون موجباً للكفر، باعتبار انتهائه إلى إنكار الكتاب العزيز على ذلك فالأُولى
من الفرق الخمس محكومة بالكفر، باعتبار إنكارها الصانع، جلّت قدرته.

وأمّا الأربعة الباقية، فلا يحكم بكفرها إلا مع التفاتها إلى أنّ اعتقادها على خلاف الكتاب والسنّة حتّى ينتهي ذلك إلى إنكار

النبوّة، كما في إنكار سائر الأحكام الثابتة في الشريعة، وكيف كان فإن أراد المصنّف «ره» بقوله: «إذ الظاهر عدم الإشكال في كون
الفرق الثلاث من أكفر الكفّار» الكفر حتّى مع عدم الالتفات إلى ما ذكر من دلالة الكتاب المجيد على استناد الحوادث إلى اللّه
سبحانه، فيمكن التأمّل فيه بالإضافة إلى الفرقة الثانية والفرقة الثالثة، كما مرّ.

ومنه يظهر أنّ ما رتّبه (ع) على تصديق المنجّم[1].

[1] أي كما أنّ ما في بعض الأخبار من كون المنجّم بمنزلة الساحر، والساحر كالكافر لا يدلّ على كفر المنجّم بمعناه الحقيقي،

كذلك ما رتّب في بعض الروايات على تصديق المنجّم. من كون تصديقه تكذيباً للقرآن واستغناءاً عن اللّه سبحانه لا
يقتضي كفر المصدّق للمنجّم أو كون المنجّم كافراً، بل يراد منه إبطال قول المنجّم، وأنّ قوله مخالف للقرآن المجيد الداعي إلى
الاستعانة باللّه في دفع المكاره وجلب الخير، وسائر الأُمور.

وبعبارة أُخرى: كون تصديق المنجّم تكذيباً للقرآن من قبيل الاستدلال على بطلان الشيء بإنهائه إلى التالي الباطل ومن

الظاهر أنّ الالتزام بشيء مع ترتّب باطل عليه ولو كان ذلك التالي تكذيب القرآن أو دلالته لا يوجب الكفر، إلا مع التفات ذلك
الملتزم إلى الترتب، والتزامه به معه. مثلاً إذا أفتى بما يخالف ظاهر القرآن، مع عدم التفاته إلى أنّ هذا الحكم وارد فيه أو عدم
التفاته إلى دلالته لا يكون افتاؤه هذا موجباً لكفره، ومن هذا القبيل قوله: من صدّق منجّماً أو كاهناً فقد كفر بما أُنزل على
محمّد، فإنّه ليس مدلوله كفر المنجّم، بل المراد كذبه وترتّب الباطل على تصديقه، حيث أنّ الشارع عدّ المنجّم كاذباً،
فتصديقه يكون تكذيباً للشارع. والقرينة على أنّه لا يرد ترتّب الكفر على مجرّد تصديقه، هي عطف الكاهن عليه، حيث أنّ
الكهانة فضلاً عن تصديقه لا يوجب كفراً بلا ارتياب.