ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص121
لا يقال: يلزم أن يكون إخبار المنجّم عن الأوضاع الفلكية كخبره عن رؤية الهلال في الليلة الفلانية معتبراً، فإنّ الرجوع إلى
أهل الخبرة مما جرى عليه سيرة العقلاء من أهل الملل وغيرهم.
فإنّه يقال: لو سلّم أنّ المنجّم من أهل الخبرة بالإضافة إلى مثل رؤية الهلال، فلا اعتبار بقوله أيضاً، للردع عن السيرة المشار
إليها في الأخبار المتعدّدة وأمرهم (ع) بالصوم للرؤية وبالإفطار لها، وفي الصحيحة عن مولانا أميرالمؤمنين (ع): «لا أُجيز في الهلال
إلا شهادة رجلين» إلى غير ذلك، بل لم يحرز السيرة على الاعتناء بأخبار الثقة من أهل الخبرة في الأُمور التي يمكن لعامّة الناس
معرفتها عن حسّ، بلا حاجة إلى إعمال النظر، كرفة الخسوف أو الكسوف ونحوهما كما لا يخفى.
[1] أي تكذيب المنجّمين في دعاويهم والاستهانة بهم ونسبتهم إلى العجز، وأنّهم لا يتمكّنون من دفع شرّ عن إنسان أو جلب خير
إليه معلوم بالضرورة في الدّين، والتكذيب والاستهانة بهم والتعجيز لهم في الأخبار لا تحصى.
[2] ذكر في هذا الوجه من وجوه اعتقاد الربط خمسُ فرق:
الأُولى: من أنكر الصانع جلّ ذكره ويعتقد استقلال تأثير الحركات.
الثانية: من التزم بوجود الصانع جلّ ذكره مع تعطيله عن التصرّف في الحوادث السفلية بعد خلق الأجرام العلوية القديمة زماناً
والمدبّرة لتلك الحوادث.
الثالثة: من التزم بما ذكر، ولكن تكون الأجرام حادثة عنده زماناً.
الرابعة: من اعتقد بكون الأجرام العلوية تابعة في حركاتها لإرادة اللّه تعالى، وأنّ اللّه يفعل ما في العالم الأسفل، وتلك الأجرام
بحركاتها كالآلة بالإضافة إلى مشيّة اللّه.
الخامسة: من اعتقد بما ذكر، غير أنّه يعتقد أنّ تلك الأجرام في حركاتها مختارة باختيار يكون عين اختياره تعالى. ثمّ إنّه «قدس
سره» ذكر في الوجه الثاني من وجوه الربط أنّ الأوضاع الفلكية تفعل الآثار المنسوبة إلى اللّه، واللّه سبحانه هو المؤثّر الأعظم.
ولم يظهر فرق بين الربط المذكور في الوجه الثاني، وبين الفرقتين الرابعة والخامسة من هذا الوجه، فلاحظ.