ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص114
الوجه الرابع: ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبداللّه (ع) قال: «قال أميرالمؤمنين
(ع): بعثني رسول اللّه (ص) إلى المدينة، فقال: لا تدع صورة إلا محوتها، ولا قبراً إلا سوّيته، ولا كلباً إلا قتلته»(111)، وأجاب
«ره» عن هذا الوجه بأنّ الأمر فيه محمول على الاستحباب أو على كراهة إبقاء الصورة، بقرينة الأمر بتسوية القبور وقتل الكلاب.
وفيه أنّ قرينة السياق ـ بأن يكون رفع اليد عن ظهور الطلب بالإضافة إلى فعل موجباً لرفع اليد عن ظهوره بالإضافة إلى الفعل
الآخر أيضاً ـ لا أساس لها. ولذا لا تكون القرينة على استحباب غسل الجمعة موجباً لرفع اليد عن الظهور بالإضافة إلى غسل الجنابة
أيضاً، كما في مثل قوله: (اغتسل للجمعة والجنابة) فضلاً عن مثل: (اغتسل للجمعة واغتسل للجنابة)، نعم نلتزم بحمل النهي عن
إبقاء الصورة على الكراهة، لكن لا بقرينة السياق، بل للروايات الآتية الظاهرة في الترخيص في اقتنائها.
الوجه الخامس: صحيحة علي بن جعفر المحكية عن المحاسن عن موسى قاسم عنه عن أخيه (ع) أنّه «سأل أباه عن التماثيل؟ قال: لا يصلح
أن يلعب بها»(112) ورواها عن قرب الإسناد عن عبداللّه بن الحسن عن جدّه علي بن جعفر عن أخيه موسى ابن جعفر (ع)، قال: «سألته
عن التماثيل هل يصلح أن يلعب بها؟ قال: لا» وهذه على النقل الأوّل مؤيّدة لما تقدّم من أنّ السؤال عن التماثيل لا يكون ظاهراً في
السؤال عن صنعها وعملها.
الوجه السادس: تصدّيه سلام اللّه عليه للدفاع عن سليمان النبي (ع)، بأنّ المصنوع له كانت صورة الشجر، فإنّه لا مورد للدفاع
عنه بالجواب المزبور إلا مع عدم مناسبة اقتناء الصور لمثله (ع)، ولو كان المنافي صنعها فقط لم يكن للاعتراض وجه، حيث انّ عمله
(ع) كان الاقتناء لا الصنع. وفيه أنّ الاعتراض باعتبار مشية سليمان صنع الصور، وهذا لا يجتمع مع حرمة التصوير، فدافع سلام
اللّه عليه بأنّ المصنوع له كانت صورة شجر، بل لو كان الاعتراض والدفاع راجعين إلى ا لاقتناء لما كانت أيضاً فيها دلالة على
حرمة اقتناء صورة الحيوان. وذلك فإنّ الدفاع والاعتراض يصحّان على تقدير كون الاقتناء مكروهاً، لأنّ المكروه لا يليق بشأن
النبي، فدافع (ع) بأنّ الصورة لم تكن حيواناً حتّى يكره اقتناؤها.
الوجه السابع: صحيحة زرارة بن أعين عن أبي جعفر (ع)، قال: «لا بأس بأن يكون التماثيل في البيوت إذا غيّرت رؤوسها منها وترك ما
سوى ذلك»(113) فإنّ مفهومها ثبوت البأس بها مع عدم التغيير وثبوت البأس في شيء مطلقاً مقتضاه حرمته. وفيه أنابدّ من حمل
البأس في الرواية ومثلها على الكراهة كما هو مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار المجوزة لاقتناء التماثيل في البيت والصلاة فيها.
وذكر المصنّف «ره» أنّ في هذه الصحيحة دلالة على جواز اقتناء الصور وعدم وجوب محوها، ولعلّه باعتبار أنّ تغيير رأس الحيوان لا
يخرجه عن كونها صورة حيوان ولو في بعض موارد التغيير. نعم مثل حذف رأس الحيوان يخرجه عن صورة الحيوان.