ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص103
[1] لا يخفى أنّ المحرّم على الرجال ليس التزيين بالحرير المحض، بل لبسه بلا خلاف ظاهر، سواء كان بنحو التزيين أم لا، كما إذا
لبسه تحت ثيابه وبين التزيين ولبس الحرير عموم من وجه، فلا يكون الدليل على حرمة أحدهما دليلاً على حرمة الآخر. وفي موثقة
سماعة بن مهران، قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) عن لباس الحرير والديباج؟ فقال: أما في الحرب فلا بأس به، وإن كان فيه
تماثيل»(98)، وفي موثقة إسماعيل بن الفضل عن أبي عبداللّه (ع) «في الثوب يكون فيه الحرير، فقال: إن كان فيه خلط فلا
بأس»(99) إلى غير ذلك مما ظاهره حرمة لبس الحرير المحض، كما أنّ التزيّن بالذهب لم يتمّ على حرمته دليل، بل مدلول الروايات
المعتبرة وظاهر الأصحاب عدم جواز لبسه، سواء كان تزيّناً أم لا، وفي موثقة عمّار بن موسى عن أبي عبداللّه (ع) قال: «لا يلبس
الرجل الذهب ولا يصلّي فيه، لأنّه من لباس أهل الجنّة»(100). وفي صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع): «سألته هل
يصلح للرجل أن يتختم بالذهب؟ قال: لا»(101)، وظاهر النهي في الثاني هو التحريم وهو كاف في المقام، حتّى لو نوقش في دلالة
الأوّل بدعوى أنّ التعليل المزبور يمنع عن ظهور النهي في التحريم.
لا يقال: لابدّ من حمل النهي في الثانية أيضاً على الكراهة بقرينة صحيحة عبيداللّه بن علي الحلبي عن أبي عبداللّه (ع)،
قال: «قال علي (ع): نهاني رسول اللّه ولا أقول نهاكم عن التختم بالذهب وعن ثياب القسى“»(102).
فإنّه يقال: نفي علي (ع) القول من نفسه لا يدلّ على انتفاء قول النبي (ص)، حيث أنّ مثل هذا التعبير في مقام النقل متعارف،
يقول أحد أولاد الرجل لاخوته: نهاني أبي عن فعل كذا، ولا أقول: نهاكم عنه، وإلا لو كان النهي لا يعم غير علي (ع) لقال روحي له الفداء:
ولم ينهكم عنه، مع أنّ نهيه (ص) ـ وإن كان بعنوان الكراهة ـ مسلّم لا ينبغي الريب فيه.
وأمّا تعليل النهي بما في موثّقة عمّار غايته أن لا يكون النهي معه ظاهراً في التحريم، لا أنّه يوجب ظهوره في الكراهة
الاصطلاحية، حتّى ينافي ظاهر النهي في صحيحة علي بن جعفر، فتدبّر.