ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص99
ويظهر من بعض ا لأخبار المنع[2].
[2] لايخفى أنّ الأخبار الواردة في المنع كلّها ضعيفة سنداً غير صالحة للاعتماد، ومع الغضّ عن ذلك فالممنوع عنه فيها من فعل
الماشطة أُمور: مسح الوجه بالخرقة، والوصل، والنمص، والوشم، والوشر. ومقتضى إطلاق المنع عنها عدم الفرق بين صورتي التدليس
وعدمه، مع أنّ التدليس لا يكون بفعل الماشطة. وسنذكر أنّ مجرّد فعل يوجب ظهور حسن أو خفاء عيب في المرأة لا يكون حراماً، بل
الحرام هو الغش في المعاملة والتستّر على الواقع فيها. وهذا فعل المالك أو ولي الجارية، فلا يرتبط بالماشطة. نعم إذا علمت الماشطة
أنّ المالك أو الولي يتستر بما تفعله على الواقع ولا يبيّن الحال للطرف، يكون فعلها من الإعانة على الإثم، نظير ما تقدّم في
بيع العنب ممن يعمله خمراً، وذكرنا أنّه لا دليل على حرمتها في غير مورد الإعانة على الظلم.
والحاصل أنّ التدليس محكوم بالحرمة باعتبار كونه غشّاً في المعاملة، ويحصل مع اعتقاد الطرف بصفة كمال أو فقد عيب في
الشيء باعتبار فعل الغاش. وأمّا مجرّد كون الشيء موهماً لوجود صفة فيه مع عدم الطرف بالحال، وأنّه ليس للوهم حقيقة، فلا يكون
من الغشّ ليحكم بحرمته، وعدم تحقّق الغشّ غالباً في تمشيط الماشطة لا يكون موجباً لتعميم التدليس في المقام. وقدلك فإنّ
الدليل على حرمة فعلها هي الأدلّة العامّة الدالّة على حرمة غشّ المسلم في المعاملة أو غيرها، لا روايات الباب، فإنّه لم يتعلّق
فيها نهي بتدليس الماشطة، بل تعلّق بالأفعال الخمسة المتقدّمة، ولابدّ من الالتزام بكراهة مسح الوجه بالخرقة، ولا تختصّ
كراهته بالمرأة ولا بفعل الماشطة، بل هو في نفسه عمل مكروه كما يدلّ عليه ما ورد في آداب الحمّام من النهي عنه معلّلاً بأنّه يذهب
ماء الوجه(90)، وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبداللّه (ع) قال: «قال رسول اللّه (ص) لأُمّ عطية: إذا أنت قنيت الجارية فلا
تغسلي وجهها بالخرقة فإنّ الخرقة تشرب ماء الوجه»(91).