ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص96
وأمّا الكلام فيما يذكر مثالاً لعدم المالية له من السباع والحشرات فلا ينبغي الريب في أنّ لبعضها مالية عند العقلاء، ولا يكون
غير الأكل في جميع الحيوانات من المنفعة النادرة، حتّى لا يكون موجباً لماليتها. ويؤيّد ذلك ما ورد في جواز بيع الهرّة. نعم ورد
في القردة المنع عن بيعها، ولكن باعتبار ضعف سنده لا يصلح لرفع اليد به عن الاطلاق أو العموم في مثل قوله سبحانه «أحلّ
اللّه البيع»(87) و«أوفوا بالعقود»(88).
وذكر المصنّف «ره» عدم المنفعة المقصودة في القرد، ويدفعه أنّ القرد أولى بالمنفعة المقصودة من الهرّة، فإنّه لا ينحصر
فائدتها بحفظ المتاع بل الاستمتاع برؤيتها والتفرّج بحركاتها كاف في ثبوت المالية لها كما لا يخفى، بل عن السيد الخوئي
طال بقاه عكس ما ذكره حيث قال بعدم المنفعة المقصودة0 للهرّة حتّى تكون لها مالية، والرواية الدالّة على جواز بيعها شاهدة لعدم
اعتبار المالية في المبيع، بخلاف القرد فإنّ له منفعة مقصودة محلّلة، وأيّ منفعة تكون أرقى وأهمّ من التحفّظ على متاع
الإنسان وماله، وفيه أنّ الهرة القسم الهراش منها كما ذكره من أنّه لا منفعة لها، والمعاملة على هذا القسم محكومة بالفساد، فإنّها نظير
بيع كلب الهراش من أوضح أفراد أكل المال بالباطل. والرواية المزبورة منصرفة عن ذلك، وما هو محكومة بصحّة بيعها هي الهرّة التي
تؤخذ للتحفظ بها عن الفار، أو للتفرج برؤيتها، وهذا القسم باعتبار ثبوت المنفعة المقصودة فيه يكون مالاً.
روى الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن أبان عن محمد بن مسلم وعبدالرحمن بن أبي عبداللّه عن أبي عبداللّه (ع)
قال: «ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت ولا بأس بثمن الهرة» والرواية صحيحة، وروى الكليني «ره» عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن
زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن الأصم عن مسمع عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «إنّ رسول اللّه (ص) نهى عن القرد أن يشترى وأن
يباع»(89) وضعفها باعتبار سهل ومحمد بن الحسن والأصم.
[1] لا يخفى أنّ التجارة هو البيع والشراء بداعي تحصيل الربح وصدقها مع عدم إحراز المالية للشيء عند العقلاء مشكوك فيه، فلا
يمكن فيه التمسّك بما دلّ على حلّيتها أو على حلّ أكل المال بها. نعم لا بأس بالتمسّك بأوفوا بالعقود وما هو من قبيله كما أنّه
لا بأس بإعطاء المال لرفع الآخر يده عن ذلك الشيء حتّى يتملّكه المعطى.
[2] وثالثة إلى كثرته كالماء على شاطىء الفرات والتراب في بعض البلاد.