پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص93

ثمّ إنّ المنع عن بيع السلاح من الكفّار كما ذكرنا باعتبار عدم إعلاء كلمتهم وزيادة شوكتهم وتأييد القدرة القتالية فيهم يعم

بيع مثل الدرع مما لا يكون سلاحاً، ولكن يستعمل في القتال كالسلاح، كما أنّه لا ينافي ما ذكر جواز بيع السلاح من الكفّار، بل
وجوبه فيما إذا طرأ عنوان آخر، كما إذا توقّف الدفع عن حوزة الإسلام على ذلك البيع، فيما إذا هاجم عدوّ مشترك بلاد المسلمين وأعطى
المسلمون السلاح للكفّار ليشاركوا المسلمين في دفع ذلك العدو. وبعبارة أُخرى: بيع السلاح في الفرض مقدمة لواجب أهمّ وهو
الدفاع عن حوزة الإسلام وبلاد المسلمين، ومثل صحيحة علي بن جعفر المتقدّمة غير ناظرة إلى ذلك، فلاحظ.

فالمقصود من بيع ما يمكن منهما[4].

[4] يعني المقصود من بيع ما يكن للفئتين تحفظ كل من الفئتين عن صاحبه وتترّسه أي تحفّظه بما يتحفّظ به.

ثمّ إنّ النهي في هذه الأخبار[1].

[1] بيان ذلك أنّ النهي ـ عن حمل السلاح إلى المشركين أو مثل أهل الشام عند مباينتهم لأهل الإيمان بمناسبة الحكم والموضوع نظير

النهي عن البيع عند النداء ـ حكم تكليفي، حيث إنّه كما أنّ المفهوم من النهي عن البيع عند النداء هو التحفّظ على صلاة الجمعة
وإقامتها، فكذلك النهي عن حمل السلاح وبيعه منهم باعتبار أن لا تكون كلمتهم العليا وشوكتهم قصوى أو يفكّروا في الهجوم على
المسلمين أو محو شوكة المؤمنين، ولذا لا حرمة فيما إذا لم يكن الأمر كذلك، كما إذا كانت طائفتان من الكفّار متحاربتين وأعطاهما
المسلمون سلاحاً ليبيد كلّ منهما الآخر، حتّى تبقى العزّة والشوكوة للمسلمين.

لا يقال: قد ورد في صحيحة محمد بن قيس عدم جواز ذلك، قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) عن الفئتين تلتقيان من أهل الباطل نبيعهما

السلاح؟ فقال: بعهما ما يكنهما الدرع والخفين ونحو هذا»(84).

فإنّه يقال: المنع في الصورة التي ذكرناها غير محتمل لعدم الحرمة للطرفين، وهذه الصحيحة لابدّ من حملها ـ كما ذكر المصنّف «ره»

ـ على طائفتين يكون كلّ منهما باعتبار كونهما من أهل الجزية ونحوها محقونة الدم، وبيع السلاح منهما مع كونهما في حالة حرب إعانة على
ظلم كلّ منهما الآخر، فلا يجوز، بخلاف بيع مثل الدرع مما يتحفّظ به كلّ منهما على نفسه من جور الآخر.

والحاصل أنّ النهي عن حمل السلاح إلى المشركين أو المخالفين في مورد ثبوته تكليفي ملاكه تقوية الكفر والشرك والباطل، وهذا

القسم من النهي عن المعاملة لا يقتضي فسادها، لما تقدّم من أنّه لا منافاة بين المنع عن إيجادها وإمضائها على تقدير حصولها حتّى
لو قيل بأنّ التقوية تحصل بتسليم المبيع إلى المشركين أو سائر أهل الباطل، فإنّ غاية ذلك أن لا يكون البيع المزبور من
الأوّل مشمولاً لأدلّة الإمضاء، ولكن تشمله بعد حصول التسليم خارجاً، نظير ما ذكرنا في بيع العنب ممن يعلم أنّه يعمله خمراً.