ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص82
[1] غرضه من هذا الكلام توجيه صدق الإعانة على الحرام على فعل البايع وبيعه المبيع ممن يصرفه في الحرام حتّى فيما لو قيل
في صدق الإعانة على بيعه باعتبار القصد، أي كون الداعي إلى بيعه وصول المشتري إلى الحرام. وحاصل التوجيه أنّ تملّك
المشتري العنب مثلاً بقصد تخميره في نفسه حرام، كما أنّ تخميره حرام آخر، وكذا شربه، فيكون بيع البايع لغرض تملكّ
المشتري العنب إعانة للمشتري على شرائه المحرّم. نعم لو لم يكن المشتري حال الشراء قاصداً تخميره، ولكن علم البايع بأنّه
يبدو له ذلك، وأنّه سوف يريد تخميره لا يكون بيع العنب منه إعانةً على الشراء المحرّم، لعدم حرمة الشراء في الفرض. ومن هذا
القبيل شراء الفسّاق الطعام، فإنّهم لا يريدون حين شرائه التقوّي به على الحرام والفسق، بل يريدون الفسق والفجور بعد
تملّكهم أو تناولهم ذلك الطعام، فلا يكون بيعه منهم إعانة على الشراء المحرّم.
ولكن يرد على هذا التوجيه أنّه لا يصحّ إلا فيما إذا دلّ دليل خاصّ على حرمة الشراء بقصد التوصّل إلى الحرام، ولا يبعد قيامه
في تملّك العنب بقصد تخميره، حيث يقتضيه فحوى لعن غارس الخمر. وأمّا في غيره كشراءالخشب بقصد صنعه آلة القمار مثلاً
فليس في الشراء إلا التجري، والتجري يكون بقصد صنع آلة القمار. ومن الظاهر أنّ بيع البايع ليس إعانةً للمشتري على
تجرّيه، أي قصده صنع آلة القمار.
لا يقال: نفس الشراء وإن لم يكن تجرّياً إلا أنّه مقدّمة للتجرّي فيكون محرّماً باعتبار كونه مقدّمة له، ويكون بيع البايع
إعانة على ذلك الشراء المحرّم المفروض كونه مقدّمة للتجري.
فإنّه يقال: إنّما تكون مقدمة الحرام محرّمة فيما إذا قصد الفاعل التوصّل بها إلى الحرام. وفيما نحن فيه لا يمكن للمشتري قصد
التوصّل بالشراء إلى تجرّيه، حيث أنّ لازم ذلك أن يكون تجرّيه أي قصده صنع آلة القمار مثلاً ناشئاً عن قصد آخر، وهذا
يستلزم التسلسل كما هو المقرّر في محلّه.
[1] لعلّه إشارة إلى أنّه لو كان التجرّي بإرادة فرضاً لما كان نفس الشراء محرّماً أيضاً؛ لأنّ متعلّق الحرمة على الفرض هو
الشراء مقيّداً بقصد التوصّل إلى التجرّي، لا نفس الشراء مطلقاً. والتجرّي ليس بمحرّم شرعاً حتّى تكون مقدّمته
محرّم، بل غاية الأمر كونه موجباً لاستحقاق الذمّ والعقاب، كما لا يخفى.
[2] لم يظهر وجه الفحوى، فإنّ حرمة الإعانة على قتل مسلم أو الإضرار به لا يلازم وجوب إنقاذ حياته أو دفع الضرر عنه، وبذل الطعام
في المثال إنقاذ للحياة، فتركه يكون تركاً للإنقاذ، لا إعانة على الهلاك.