پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص79

الأمر الثاني: وهو الصحيح كما ذكرنا سابقاً، أنّ التعاون على الإثم غير الإعانة عليه، والمستفاد من الآية حرمة الأول لا الثاني،

والتعاون على الإثم عبارة عن اجتماع اثنين أو أكثر على إيجاد الحرام، كما إذا اجتمع جماعة على هدم مسجد أو قتل شخص أو غير ذلك، مما
يكون فيه كلّ بعض معيناً للبعض الآخر في تحقيق ذلك العمل. وأمّا إذا كان الحرام صادراً عن الغير فقط، والذي يفعله هذا
الشخص دخيل ومقدّمة للحرام الصادر عن ذلك الغير، كما إذا أعطى الخشب لمن يريد صنع آلة القمار أو الغناء، فهذه إعانة على الإثم ولا
دلالة في الآية المباركة على حرمتها. نعم لا شبهة في حرمة إعانة الظالم على ظلمه، فإنّ ذلك مقتضى غير واحد من الروايات، ففي
صحيحة أبي حمزة عن علي بن الحسين: «إيّاكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين»(79)، وفي رواية الحسين بن زيد عن الصادق (ع)
قال: «ألا ومن علّق سوطاً بين يدي سلطان جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعباناً من النار طوله سبعون ذراعاً»(80).

الأمر الثالث: ما أشار إليه المصنّف «ره» بقوله: «وقد يستشكل في صدق الإعانة» وحاصله أنّه يعتبر في صدق الإعانة على الإثم

على فعل المكلّف قصده الحرام، بأن يكون داعيه إلى ذلك الفعل توصّل الغير ووصوله إلى الحرام. والمفروض في مثل مسألة بيع
العنب ممن يعلم أنّه يعمله خمراً عدم قصد البايع ذلك، بل قصده وداعيه إلى البيع هو حصول ملك العنب للمشتري، سواء صرفه في
الحلال أو الحرام. وربّما يضاف إلى اعتبار قصد الحرام اعتبار تحقّق ذلك الحرام من الغير، وإلا فلا يكون فعل الشخص إعانة للغير
على الحرام، بل القصد إلى الإعانة وهو من التجري، كما لا يخفى.

وناقش المصنّف «ره» في هذا الأمر:

أوّلاً: بأنّه لا يعتبر في صدق عنوان الإعانة على الحرام على فعل الشخص تحقّق الحرام من الغير، ولو حصل الحرام منه لم

يتعدّد عقاب الشخص من جهة التجرّي ومن جهة إعانة الغير على الحرام. والحاصل انّ الفعل من الشخص بقصد حصول الحرام من الغير
إعانة لذلك الغير على الحرام حصل ذلك الحرام أم لا.

وثانياً: بأنّه يظهر من كلام الأكثر عدم اعتبار القصد المزبور أيضاً في صدق عنوان الإعانة على الحرام. مثلاً ذكر الشيخ «ره»

في المبسوط في الاستدلال على وجوب بذل الطعام لمن يخاف تلفه قوله (ص): «من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم
القيامة مكتوباً بين عينيه هذا آيس من رحمة اللّه» حيث إنّ الممسك لطعامه لا يكون داعيه إلى الإمساك قتل الآخر، وأيضاً استدلّ
في التذكرة على حرمة بيع السلاح من أعداء الدين بأنّ في البيع إعانة على الظلم أي على ظلمهم على أهل الدِّين، مع أنّ البايع لم
يقصد من بيعه ذلك. واستدلّ المحقّق الثاني على حرمة بيع العصير المتنجس ممن يستحلّه بأنّ بيعه منه إعانة على الإثم، مع
أنّ غرض البايع من بيعه منه ليس شرب المشتري. ويظهر عدم اعتبار القصد أيضاً من بعض الأخبار كما ورد في أكل الطين «من أكل
الطين فمات فقد أعان على نفسه» مع أنّ داعي الإنسان إلى أكله لا يكون موته، ومن هذا القبيل بعض الأخبار الواردة في أعوان الظلمة.