ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص77
[1] قد يقال: إنّ الأخبار المجوّزة لا يمكن الأخذ بها، بل لابدّ من إرجاع علمها إلى الأئمة (ع)، فإنّ جواز بيع مثل العنب ممن يعلم أنّه
يصنعه خمراً مخالف لحكم العقل القطعي وللكتاب المجيد. أمّا العقد، فإنّه يستقلّ بقبح إعانة الغير في جرمه وتهيئة المقدّمة
له، وإن شئت قلت إنّ تهيئة المقدّمة للجرم الصادر عن الغير بنفسه جرم، ولذا يؤخذ الشخص بها في المحاكم الدولية وفي القوانين
الدارجة عند العقلاء، حتّى فيما لو فرض عدم صدق التعاون على ذلك الجرم، ألا ترى أنّ من أعان السارق وهيّأ له الأسباب يحكم عليه
في تلك المحاكم بالجزاء. وقد ورد في الشرع أيضاً ـ فيما لو أمسك أحد شخصاً وقتله الآخر ورأهما ثالث ـ أنّ القاتل يقتل، والممسك
يحبس والناظر تسمل عيناه. والظاهر عدم الفرق بين ما كانت تهيئة المقدّمات بداعي توصّل الغير إلى الجرم والحرام أو غيره، مثلاً
تسليم السلم إلى السارق وبيعه منه قبيح، حتّى وإن لم يكن التسليم بداعي وصول السارق إلى جرمه. نعم القبح في صورة كون
داعيه وصوله إليه أوضح.
والحاصل أنّ حكم العقل بقبح تهيئة مقدّمة الحرام الصادر عن الغير كاف في كشف عدم جوازه شرعاً.
أقول: الظاهر أنّه اشتبه على هذا القائل الجليل مسألة منع الغير عن المنكر الذي يريد فعله، ومسألة إعانة الغير على الحرام يعني
فعل المكلّف ما هو مقدّمة للحرام الصادر عن الغير، حيث أنّ منع الغير عن المنكر مع التمكّن منه واجب.