ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص72
أقول: الموجب لبطلان الشرط بل بطلان المعاملة معه فيما إذا كان الشرط منافياً لمقتضى العقد هو عدم قصد إنشاء المعاملة مع الشرط
المزبور، مثلاً في قول البايع بعتك هذه العين بكذا بشرط أن لا تدخل في ملكك كان الشرط باطلاً ومبطلاً للبيع، لرجوعه إلى
عدم قصده تمليكها للمشتري، مع أنّ البيع هو تمليك العين بعوض، وأمّا إذا كان الشرط ملائماً لجعل الملك واعتبار دخول المبيع
في ملك المشتري، كما إذا قال بعتك هذا المال على أن يخرج عن ملكك، فيدخل في مسألة كون الشرط الفاسد مفسداً أم لا. وهذا في المورد
الذييكون الخروج عن الملك محتاجاً إلى سبب، وإلا فلا بأس بالشرط في مثل بيع العبد من ابنه الحرّ بشرط خروجه عن ملكه،
واشتراط عدم الانتفاع بالمبيع أصلاً لا يلازم عدم دخول العين في ملك المشتري، بل يصحّ البيع والشرط معاً فيما إذا كان في
الاشتراط غرض عقلائي، كما إذا باعه قطعة من الذهب واشترط أن لا ينتفع بها أصلاً، وكان غرضه بقاؤها حتّى تصل إلى ورثة
المشتري. وأمّا إذا لم يكن فيه غرض عقلائي كان الشرط باطلاً، كما إذا باع العنب واشترط عدم الانتفاع به أصلاً، حيث أنّ الشرط ـ
لكونه سفهائياً والعمل به تبذيراً للمال ـ باطل، ولكن لا ينافي هذا الاشتراط قصد دخول العنب في ملك المشتري.
لا يقال: العنب مع الشرط المزبور لا يكون مالاً، فيكون أكل الثمن بإزائه من أكل المال بالباطل.
فإنّه يقال: إنّما لا يكون العنب مالاً فيما إذا كان الشرط نافذاً، وأمّا مع إلغائه كما هو مقتضى كون الشرط سفهائياً، فلا يدخل
تملّك الثمن بإزاء العنب في العنوان المزبور.
والحاصل: انّ اعتبار الملك للمشتري لا ينافي اشتراط عدم انتفاعه بالمبيع، بل الشرط المزبور ينافي كونه مالاً مع نفوذه
ولزومه، والمفروض أنّه غير لازم وغير نافذ حتّى في اعتبار العقلاء، فيكون المبيع ملكاً ومالاً للمشتري، كما هو مقتضى اطلاق
دليل حل البيع، وهذا فيما إذا اشترط في البيع عدم الانتفاع بالمبيع أصلاً بأيّ انتفاع، وأمّا إذا كان الشرط عدم الانتفاع
المحلّل أو الانتفاع به بالمحرّم فلا ينافي الشرط الملك، ولا كون المبيع مالاً، وذلك فإنّ اعتبار شيء ملكاً للمشتري ومالاً له
في اعتبار المتعاقدين لا يتوقّف على ثبوت المنفعة المحلّلة له، ولذا يتعاملون فيما بينهم على الخمر وغيرها مما لا منفعة
محلّلة له. وعلى ذلك فبيع العنب مع اشتراط تخميره بيع في اعتبار العقلاء، وبما أنّ دليل إمضاء الشروط لا يعمّ اشتراط
تخميره فالشرط المزبور ملغى، وبعد إلغائه لا مانع من شمول «أحلّ اللّهُ البيعَ» لبيع العنب واعتبار كونه ملكاً ومالاً
للمشتري، لأنّ المفروض أنّ العنب مال حتّى شرعاً لثبوت المنفعة المحلّلة له، ولو كانت تلك المنفعة ملغاة عند المتعاقدين
باشتراط التخمير.
وذكر السيد الخوئي طال بقاؤه أنّ المعاملة مع اشتراط المنفعة المحرّمة وإن كانت صحيحة، إلا أنّها محرّمة تكليفاً، وذكر في وجه
ذلك أنّ إلزام الغير بالمحرّم ـ كإكراهه عليه ـ حرام، فالمعاملة المشتملة على الشرط الحرام بما أنّها إلزام للغير بالمحرم تكون محرّمة.
ولكن حرمتها بهذا العنوان كحرمتها بسائر العناوين الطارئة عليها لا تكون موجبة لفسادها.