پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص71

وأمّا بالإضافة إلى الاجارة فإن كان الشرط راجعاً إلى تضييق مورد الاجارة وتقييدها بالمنفعة المحرّمة تكون باطلة باعتبار أنّ

أخذ الاجرة بإزاء تلك المنفعة من أكل المال بالباطل، وهذا بخلاف ما إذا رجع الشرط إلى التزام زائد على أصل الاجارة بحيث يكون
التخلّف من المستأجر في مثل الشرط موجباً لثبوت خيار الفسخ للموجر لا المطالبة بأُجرة المثل عمّا أتلفها عليه من المنفعة،
فإنّ مع عدم تقييد مورد الاجارة تكون بطلانها باشتراط الحرام مبتنياً على مسألة فساد العقد بفساد الشرط، نعم في رواية جابر
(صابر) قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) عن الرجل يؤاجر بيتاً فيباع فيه الخمر قال: حرام أجره»(69)، ولكنّها لو حملت على صورة
تقييد المنفعة فهو، وإلا فلا يمكن الاعتماد عليها لضعفها سنداً ومعارضتها بحسنة ابن أُذينة، قال: «كتبت إلى أبي عبداللّه (ع)
أسأله عن رجل يؤاجر سفينته ودابّته ممن يحمل فيها أو عليها الخمر، والخنازير، قال: لا بأس»(70).

هذا، مع أنّ الروايتين غير ناظرتين إلى صورة الاشتراط، وما ذكره «ره» ـ في الجمع بين الروايتين من حمل الثانية على صورة اتفاق

حمل الخمر أو الخنزير من غير أن يؤخذ ركناً أو شرطاً في العقد ـ لا يمكن المساعدة عليه، فإنّ كون الحرمة متيقّنة ـ من رواية
بالإضافة إلى أمر والجواز من رواية أُخرى بالإضافة إلى أمر آخر ـ لا يوجب كون كلّ منهما قرينة عرفية على التصرّف في الأُخرى،
كما تقدّم ذلك في علاج المعارضة بين ما ورد من أنّ ثمن العذرة سحت، وما ورد من عدم البأس به ولعلّه إلى ذلك أشار «ره» في آخر كلامه
بقوله «فتأمّل».

والحاصل أنّه لو تمّ الحكم بالبطلان في المسألة الثالثة الآتية ثبت في هذه المسألة أيضاً بالفحوى، والا فلا موجب للالتزام

في المسألة بالفساد، بل ولا لحرمة المعاملة تكليفاً، نعم شراء المشتري العنب للتخمير داخل في التجري، وإلزام البايع داخل في
ترغيب الناس للحرام، وهذا لا يوجب حرمة نفس المعاملة كما لا يخفى.

نعم، لا بأس بالالتزام بالحرمة تكليفاً في بيع العنب حتّى فيما إذا كان التخمير مما التزم به المتعاقدان خارجاً بلا اشتراطه

في البيع بفحوى اللعن الوارد على غارس الخمر، ولكن الحرمة لا تقتضي فساده كما هو المقرّر في محلّه. وربّما يقال في وجه
بطلان المعاملة ـ في مثل بيع العنب بشرط أن يصنعه خمراً ـ أنّ هذا الشرط ينافي مقتضى العقد، ووجه منافاته له أنّه كما أنّ بيع
الشيء مع اشتراط عدم الانتفاع به أصلاً مساوق لاشتراط عدم ملك المبيع للمشتري وعدم كونه مالاً له، كذلك اشتراط عدم الانتفاع به
انتفاعاً حلالاً، حيث أنّ هذا الشرط مع انضمام منع الشارع عن التخمير مثلاً إسقاط للعنب عن كونه ملكاً ومالاً للمشتري من جهة
التخمير ومن جهة سائر المنافع، فلا يتمّ البيع الذي حقيقته جعل المبيع ملكاً ومالاً للمشتري بإزاء الثمن، وهذا الفساد لا
يرتبط بالقول بكون الشرط الفاسد مفسداً، فإنّ تلك المسألة فيما إذا لم يكن الشرط موجباً لفقد شرط أو ركن من أصل المعاملة،
وإلا كان أصل العقد باطلاً حتّى مع الالتزام فيها بعدم الإفساد.