ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص62
اللهمّ إلا أن يقال مقتضى سقوط الشيء عن المالية شرعاً كونه كسائر ما لا تكون له مالية في اعتبار العقلاء، وأنّ أخذ المال ولو
بعنوان المصالحة عليه أو الإعراض عنه أكل لذلك المال بالباطل، وأيضاً لا بأس بالالتزام بحدوث الملك بالحيازة في المباحات
القابلة للنقل أو المملوكة بعد إعراض مالكها عنها، وأنّ الأخذ في مثل ذلك يكون موجباً لدخولها في ملك آخذها، وعلى ذلك سيرة العقلاء،
بل ربما يمكن أن يقال باستفادة ذلك من صحيحة عبداللّه بن سنان عن أبي عبداللّه (ع).
قال: «من أصاب مالاً أو بعيراً في فلاة من الأرض قد كلت وقامت وسيّبها صاحبها مما لم يتبعه، فأخذه غيره، فأقام عليها وأنفق
نفقته حتّى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا سبيل له عليها وإنّما هي مثل الشيء المباح»(62) ولكنّ مفادها التملّك بالإحياء
لا بمجرّد الأخذ، وهذه الرواية نظير ما ورد في الأراضي الميتة من كون إحيائها مملكاً، كما لا يخفى.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ الاستيلاء على العذرة وجمعها بقصد تملّكها موجب لكونها ملكاً فيجوز المصالحة عليها أو الاعراض
عنها بعوض، حتّى إذا كان الغرض من جمعها ذلك، وحتّى فيما إذا لم نقل بجواز بيعها. هذا إن لم نقل بما أشرنا إليه من أنّ مقتضى الغاء
المالية عنها كون أكل المال ولو بعنوان المصالحة عليها أو الاعراض عنها من أكله بالباطل كما في سائر ما لا يكون مالاً في اعتبار
العقلاء كما لا يخفى.
[1] الكلام في النوع الأول كان في أنّ نجاسة الشيء بالأصالة أو بالعرض هل تكون موجبة لعدم جواز الاكتساب به بحيث يكون الحكم
بجواز البيع في مورد محتاجاً إلى قيام دليل عليه كما هو منسوب إلى المشهور، بل نسب إليهم عدم جواز الانتفاع إلا مع نص خاص فيه
كالاسراج بالأدهان المتنجسة، أو أن مجرد نجاسة الشيء أو تنجسه في موارد ثبوت المنفعة المقصودة لا يمنع عن الاكتساب به، بل
يحتاج المنع إلى دليل خاص، والكلام في هذا النوع في أن ترتب المنفعة المحرّمة على شيء يكون موجباً لعدم جواز الاكتساب به، وهذا
على أقسام أشار إليها: