پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص56

أقول: استعمال الدهن المتنجس في الاستصباح لا يكون حكماً مولوياً حتّى يتكلّم في التقييد الوارد في مثل المرسلة التي لا

يمكن الاعتماد عليها، على ما ذكرناه في بحث الأُصول، بل الأمر بالاستصباح به في الروايات للارشاد إلى عدم جواز استعماله في
الأكل كما مرّ، وعلى تقدير كونه مولوياً فهو ترخيص لا حكم إلزامي واحد ليكون المقام من موارد لزوم حمل المطلق على المقيّد، ولا
منافاة بين الترخيص في الإسراج بالدهن المتنجس مطلقاً وبين الترخيص في إسراجه تحت السماء، كما إذا أورد في خطاب الترخيص
في شرب الخلّ مطلقاً وفي خطاب آخر الترخيص في شرب الخل في المساجد، وقد ذكر في باب المفاهيم أنّه لا مفهوم للوصف حتّى
يوجب ذلك المفهوم تقييداً في خطاب المطلق.

ومنها قوله تعالى: «إنما الخمر والميسر»[1].

[1] كأن المستدلّ بالآية أراد أنّ الرجس فيها ينطبق على المتنجس أيضاً وأنّ الأمر بالاجتناب عنه يعمّه فالحكم بجواز الانتفاع

به في مورد يحتاج إلى دليل خاص وذكر المصنّف «ره» في الجواب أنّ الرجس ما يكون كذلك في ذاته لا ما عرضت له النجاسة،
فيختصّ بالأعيان النجسة ولا يعمّ المتنجّسات وإلا لزم تخصيص الأكثر باعتبار جواز الانتفاع بأكثر المتنجسات، هذا أوّلاً.
وثانياً: أنّ المذكور في الآية كون الرجس من عمل الشيطان أي: من صنعه فيختصّ وجوب الاجتناب بمخترعات الشيطان ومبتدعاته
سواء كان قذراً مادّياً كالخمر أو معنوياً كالميسر.

والحاصل أنّ مجرّد كون عين نجسة فضلاً عن المتنجس لا يوجب دخوله في صنع الشيطان ومخترعاته، وإن أُريد من عمل الشيطان هو

الصادر عن المكلف بإغوائه ليكون الرجس عنواناً لنفس تلك الأعمال فكون الانتفاع بالمتنجسات رجساً وعملاً بإغواء الشيطان
أوّل الكلام.

أقول: لفظ الرجس بمعنى النجس في مثل قوله سبحانه «إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنّه رجس» وإن كان ممكناً

إلا أنّه لا يمكن في المقام. وذلك بقرينة حمله على الميسر، حيث انّه فعل ولا يتصّف بالنجاسة، فلابدّ من حمله على معنى غير
النجاسة المصطلحة. وصدق ذلك المعنى على مطلق المتنجس بل النجس أيضاً ممنوع.

وثانياً: أنّ الأمر بالاجتناب عن الرجس حتّى بمعنى يعمّ المتنجص ظاهره الاجتناب عن استعماله المتعارف ولا يعمّ جميع

الانتفاعات، ومن هنا يظهر الحال في قوله عزّ من قائل «والرجز فاهجر»(59) بناءً على أنّه بمعنى الرجس كما قيل.