پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص52

وأمّا ما ورد في تحمّل الإمام مع أنّه معارض بما يدلّ على عدم ضمانه بشيء وفي صحيحة زرارة قال: «سألته أحدهما (ع) عن الإمام يضمن

صلاة المأموم؟ قال: لا»(58)، فلا يرتبط بالمقام، فإنّه لو فرض عدم نقص صلاة المأموم عن الصلاة الفريضة إلا في ترك القراءة فلا
ينبغي الريب في عدم بطلان تلك الصلاة بذلك، فإنّ مقتضى حديث لا تعاد وغيره عدم بطلان الصلاة بترك القراءة فيها عن عذر،
والتسبيب ـ في مثل ذلك مما يكون للعلم والاحراز دخل في حرمة الشيء تكليفاً أو عدم جوازه وضعاً ـ لا بأس به، ولذا لا يجب على
البايع إعلام الغير بنجاسة الثوب الذي يشتريه، بخلاف نجاسة المبيع المأكول، والفرق أنّ نجاسة الثوبة لا تكون مانعة عن صحّة
الصلاة إلا مع احرازها، بخلاف نجاسة المأكول، فإنّها موضوع لحرمة أكله، غاية الأمر ربما يكون الجهل عذراً في مخالفة التكليف الواقعي،
نعم لو أحرز الإمام أنّ مأمومه يأتي في صلاته بما يكون مبطلاً لها حتّى مع العذر، كتعدّد الركوع في الركعة الواحدة الذي يكون عدم
فساد الصلاة به في خصوص صلاة الجماعة في بعض الموارد، فمع علمه بهذا لا يجوز له التصدّي للإمامة مع فقده شرائطها.

والعمدة في حرمة التسبيب هو الفهم العرفي من خطابات المحرّمات وغيرها، فإنّه إذا ورد في خطاب حرمة أكل الميتة فأهل العرف لا

يفهمون الفرق بين أكلها بالمباشرة أو أكل الغير بتسبيبه جهلاً أو إكراهاً، وهكذا ما ورد في نهي الجنب عن دخول المسجد، فانّهم لا
يفرّقون بين الدخول والادخال إلى غير ذلك.

فقد ظهر مما ذكرنا انّ الكلام في عدم جوازالتسبيب إلى الحرام فيما إذا كان ذلك الحرام مطلقاً بحيث يكون مع الجهل مورد الاحتياط،

وأمّا مدلول رواية أبي بصير فأجنبي عن ذلك، فإنّه لا تكون كراهة لأكل البهيمة أو الطفل حتّى يكون سقيهما أو إطعامهما من
التسبيب إلى الكراهة، بل مدلولها حكم السقي أو الاطعام بما هو هو.

والحاصل أنّ هنا أُموراً أربعة[1].

[1] الفرق بين إكراه الغير على المحرم وبين تقديم الطعام المتنجس إلى الغير الجاهل بأنّ الأوّل من قبيل العلّة التامّة لصدور

الحرام عن الغير، والثاني من قبيل السبب فيه ما لا يخفى. والصحيح أنّ كلاً من الإكلاه وتقديم الطعام المتنجس مثلاً إلى الجاهل
المريد للأكل لا يكون موجباً لخروج الفعل عن كونه اختيارياً للمكرَه ـ بالفتح ـ أو المقدم زليه، وأنّ حرمة الإكراه أو التقديم لا
تكون إلا من جهة التسبيب إلى الحرام، فإنّ العمدة في دليل حرمته كما مرّ هو الفهم العرفي، بأنّ المنهي عنه يعم إصدار الفعل عن
الغير بالإكراه أو الإغراء، بل ولو بمثل صبّ الخمر في حلقه.

وأمّا القسم الثالث فإن كان ترغيباً للآخر إلى ارتكاب المحرّم وتحبيباً إليه لينقدح في نفسه الداعي إلى ارتكابه فيكفي

في إثبات حرمته فحوى ما دلّ على وجوب نهي الغير عن المنكر، وكذا ما إذا كان موجباً للعناد كسبّ آلهة الكفّار الموجب لإلقائهم في
سبّ الحق، وأمّا بيع مثل العنب ممن يعلم أنّه يعمله خمراً فسيأتي الكلام فيه مفصّلاً، وأمّا إرشاد الجاهل وإعلامه في غير موارد
التسبيب فلا يجب إلا في الأحكام الشرعية الكلّية كما هو مقتضى ما دلّ على وجوب تبليغها إلى الجاهلين بها، وفي الجهل
بالموضوعات فيما إذا وجب على المرشد التحفّظ فيها على الواقع، كالتحفّظ على دم مؤمن أو عرضه في مورد يريد الجاهل بإيمانه
قتله أو هتكه ونحو ذلك.