پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص49

ويمكن أن يقال باعتبار قصد الاستصباح[2].

[2] ظاهره التفصيل بين الدهن الذي يكون الاستصباح بالإضافة إليه من المنفعة النادرة التي لا تكون ملاكاً للمالية في الأشياء،

وبين الدهن الذي يكون الاستصباح به من المنفعة المتعارفة، وفي الأوّل يعتبر قصد الاستصباح في بيعه دون الثاني، ووجه
الفرق هو أنّ الموجب للمالية في الأوّل وهي المنفعة الشايعة باعتبار نجاسة الدهن تكون محرّمة، وأخذ المال في مقابله بلحاظ تلك
المنفعة أكلاً له بالباطل، كما أنّ أخذه بلحاظ منفعته النادرة المحلّلة كذلك، حيث أنّ المنفعة النادرة لا توجب المالية حتّى يخرج
المأخوذ من عنوان الأكل بالباطل، نعم إذا ورد دليل على جواز أخذ المال بإزاء ذلك الدهن ليصرفه في منفعته المحلّلة النادرة يكون هذا
حاكماً على خطاب حرمة أكل المال بالباطل، حيث أنّه بعد تجويز الشارع الأخذ لا يكون بيعه بإزاء الثمن من تملّك المال بالباطل، وهذا
بخلاف القسم الثاني من الدهن المتنجس، فإنّ أخذ المال بإزائه حتّى بدون قصد المنفعة المحلّلة جائز، ولا يدخل في العنوان المنهي
عنه، باعتبار أنّ الاسراج من المنفعة المحلّلة المقصودة الغالبة على منفعة الأكل أو المساوية له يوجب المالية للدهن المزبور. نعم، لو
اشترطا استعماله للأكل يكون بيعه باطلاً، لا لأنّ الشرط الفاسد مفسد للمعاملة حتّى يمنع عنه، بل البطلان يعمّ ما كان
استعماله في المحرّم من قصد المتبايعين فإنّه بقصد المزبور يكون تملّك الثمن بإزائه من أكله بالباطل، كما يشعر بذلك ما ورد
من أنّ ثمن الجارية المغنّية سحت، فإنّ الجارية مع كونها ذات منفعة محلّلة مقصودة كالاستمتاع بها أو استخدامها لا وجه لفساد ثمنها،
إلا إذا كان قصد استيفاء منفعة الغناء موجباً له، كما لا يخفى.

وتعاملا من غير قصد[1].

[1] وظاهر ذلك التسوية في الدهنين وعدم الفرق بينهما في مقام الثبوت بل الفرق بينهما في مقام المعاملة فقط، فيما إذا التفتا

إلى منافعهما، ففي الأوّل مع عدم قصد المنفعة النادرة المحلّلة ينصرف العقد إلى لحاظ منفعته المحرّمة، فيحكم بفساده، بخلفا
الثاني، وأمّا مع عدم التفاتهما إلى منفعتهما المحلّلة والمحرّمة، فيمكن تصحيح المعاملة في القسمين حتّى في الأوّل، باعتبار
أنّ الدهن المزبور مال شرعاً وقع مورد المعاملة ولم يقصد منفعته المحرّمة حتّى يحكم بفساد بيعه استظهاراً مما ورد في ثمن
الجارية المغنّية.

أقول: وفي كلامه موارد للنظر.

أوّلاً: أنّ المنفعة النادرة التي لا توجب المالية للشيء هي التي لا يلاحظها العقلاء حتّى مع عدم إمكان صرف ذلك الشيء في الجهة

الأُخرى، مثلاً قطعات الكوز المكسور لا مالية لها، فإنّه لا يلاحظ استعمالها في البناء نظير استعمال قطعات اللبنة، حتّى مع عدم
إمكان صرفها في منفعتها الغالبة أي خزن الماء فيها، وهذا بخلاف الدهن المتنجس، فإنّ مع عدم إمكان صرفه في الأكل مثلاً يلاحظ فيه
جهة الاسراج به.

وبعبارة أُخرى: عدم لحاظ الاسراج به بلحاظ منفعته الأُخرى الأهمّ والأكمل وهي الأكل، ومثل ذلك لا يوجب سلب المالية عنه.

وثانياً: أنّه مع قيام الدليل على جواز البيع في القسم الأوّل يكون الدليل المزبور كاشفاً عن كون المنفعة النادرة عندنا من

الغالبة عند الشارع، كما هو مقتضى حكومته على دليل حرمة الأكل بالباطل، فيكون للدهن المزبور مالية وباعتبارها يصحّ بيعه كما
في القسم الثاني، من دون انصراف العقد إلى لحاظ منفعته المحرّمة وجعل العوض بلحاظها، فإنّ انصراف العقد إلى جعل العوض
بلحاظ المنفعة المحرّمة بلا قصد من المتعاقدين غير معقول.

وثالثاً: أنّ مجرّد قصد المنفعة المحرّمة لا يوجب فساد البيع فيما إذا كان للشيء مالية باعتبار منفعته المحلّلة، فإنّ الثمن

في المعاملة يقع بإزاء نفس الشيء لا منافعه. نعم ربّما يكون لحاظ بعض الأوصاف في تسعير الشيء موجباً لفساد بيعه، فيما
إذا كان المترتب على تلك الصفة هو الحرام دائماً أو غالباً، كما في الجارية المغنّية، وهذا غير داخل في مورد الكلام، فإنّ المفروض
في المقام مجرّد قصد صرف الشيء من منفعته المحرّمة، والدخيل في تسعير الشيء أوصافه لا استعماله في إحدى منفعتيه.