ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص40
[1] لا يخفى أنّه لا يحكم بنجاسة العصير العنبي بنشيشه أو غليانه، سواء كان ذلك بالنار أو بالشمس أو بنفسه، وإنّما يحكم
بنجاسته، فيما إذا صار خمراً، والحكم بالطهارة مقتضى الأصل في الأشياء، ولكن المنسوب إلى المشهور نجاسته بنشيشه أو غليانه،
وذلك لصحيحتين:
الاولى: صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج عن أبي عبداللّه (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): «الخمر من خمسة: العصير من الكرم، والنقيع من
الزبيب، والبتع من العصل، والمرز من الشعير، والنبيذ من التمر»(45).
وفيه أنّه ليس مفادها أن عصير الكرم بإطلاقه خمر، بل أنّ الخمر المحكوم بالنجاسة وحرمة الشرب وعدم جواز بيعها تحصل منه كحصولها
من الأربعة الباقية، ولذا لا يمكن الالتزام بدلالتها على كون عصير العنب خمراً حتّى مع عدم غليانه، وكذا الحال في الزبيب وأنّه
خمر فيما إذا ألقى في الماء حتّى يدخل الماء في جوفه ويصير نقيعاً.
والحاصل أنّ مفاد الرواية أنّ المأخوذ منغير الخمسة لا يكون خمراً ولا يختصّ الخمر بالمأخوذ من بعض هذه الخمسة، كما كان عليه
فتاوى العامّة على ما قيل.
الثانية: صحيحة معاوية بن عمّار قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) عن الرجل من أهل المعرفة يأتيني بالبختج، ويقول قد طبخ على
الثلث وأنا أعرفه أنّه يشربه على النصف أفأشربه بقوله وهو يشربه على النصف؟ قال: خمر لا تشربه»(46) حيث أنّ الحكم بكون
العصير خمراً مقتضاه ثبوت جميع أحكامها له ومنها نجاستها وعدم جواز بيعها، وفيه: أوّلاً أنّ الموجود في رواية الكليني (فقال لا
تشربه) بلا ذكر لفظ خمر، بل الظاهر أنّ نسخ التهذيب كانت مختلفة وكانت الزيادة في بعضها، ولذا نقل في الوسائل الرواية عن
الكافي أولاً، ثمّ قال ورواه الشيخ «ره» بلا تعرّض منه لزيادة لفظ خمر في رواية التهذيب.