پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص26

والحاصل أنّه لا يمكن الأخذ باطلاق الرواية حتّى تقع المعارضة بينها وبين ما تقدّم، ومثلها صحيحة زرارة عن أبي عبداللّه (ع)

«في الرجل يكون لي عليه الدراهم، فيبيع بها خمراً أو خنزيراً، ثمّ يقضي منها؟ قال: لا بأس به، أو قال: خذها»(27). وعلى الجملة،
فلا بأس بالانتفاع بمثل جلد الخنزير وشعره كما هو مقتضى أصالة الحل، ولكن لا يجوز بيعه، كما تقدّم نظير ذلك في الميتة،
وربّما يقال: إنّ جواز الانتفاع بمثل جلده بل جواز بيعه مقتضى بعض الروايات: (منها) رواية سليمان الاسكاف، قال: «سألت أبا
عبداللّه (ع) عن شعر الخنزير يخرز به؟ قال: لا بأس به، ولكن يغسل يده إذا أراد أن يصلّي»(28). ورواية برد الاسكاف، قال: «سألت
أبا عبداللّه (ع) عن شعر الخنزير يعمل به؟ قال: خذ منه فاغسله بالماء حتّى يذهب ثلث الماء ويبقى ثلثاه، ثم اجعله في فخارة
جديدة ليلة باردة، فإن جمد فلا تعمل به، وإن لم يجمد فليس له دسم فاعمل به، واغسل يدك إذا مسسته عند كلّ صلاة، قلت: ووضوء؟ قال:
لا، اغسل يدك كما تمسّ الكلب»(29) ونحوها غيرها.

ولكن لا يخفى عدم الدلالة فيها على جواز البيع أصلاً، فإنّ العمل بشعر الخنزير حتّى فيما إذا كان بنحو الصنعة يمكن وقوعه

بنحو الاجارة، بأن يكون الشخص أجيراً للخرازة أو صنع الحمائل من شعر الخنزير، ولا ينحصر الكسب به بالبيع، وبما أنّ الروايات
المشار إليها واردة في حكم العمل بشعر الخنزير، لا الكسب به، فلا يمكن دعوى إطلاقها وشمولها لبيع المصنوع من شعر الخنزير كما لا
يخفى. وهذا مع الاغماض عن ضعفها سنداً بل دلالةً أيضاً، فإنّه لو جاز الانتفاع بشعر الخنزير، فلا يفرق بين كون الشعر
دسماً أو لا، ولا أظنّ الالتزام بالتفصيل من أحد، وربّما يقال باستفادة جواز الانتفاع من صحيحة زرارة عن أبي عبداللّه (ع) قال:
«سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستسقى به الماء من البئر هل يتوضّأ من ذلك الماء؟ قال: لا بأس»(30). وغير خفيّ أنّ
الحكم بجواز الوضوء لا يلازم الحكم بجواز استعمال شعر الخنزير كالاستسقاء به من البئر، فإنّه يمكن أن يكون الوضوء بالماء
المزبور جائزاً مع حرمة إخراج ماء البئر بذلك الحبل، كما هو الحال في الاستسقاء بحبل الغير، فإنّه يجوز الوضوء من ذلك الماء مع
أنّه لا يمكن الالتزام بجواز إخراج الماء به بلا إذن مالكه، وبعبارة أُخرى لا يستلزم جواز الانتفاع بالوضوء من الماء المزبور على
تقدير الاستسقاء جواز استعمار نفس ذلك الشعر والاستسقاء به، كما لا يخفى.