ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص22
والوجه في عدم صلاحها ضعف سندها (أوّلاً، وعدم ظهور جهة إلقاء الفرو المزبور (ثانياً)، فإنّ الفرو المفروض باعتبار أخذه من بلد
الإسلام محكوم بالتذكية، والاحتياط لا يجري في أمثال المقام مما يعلم صحّة العمل حتّى مع النجاسة الواقعية أو لبس الميتة، كما هو
مقتضى حديث «لا تعاد»، فلا يصحّ ما قيل من أنّ الإلقاء كان للاحتياط، كما أنّ التعليل والاستمرار على العمل لا يناسبان القول
بأنّه (ع) كان عالماً بعلم الإمامة أنّ الفرو المزبور من الميتة، بل العمدة في الحمل على الكراهة صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع)
قال: «سألته عن الماشية تكون لرجل، فيموت بعضها أيصلح له بيع جلودها ودباغها ويلبسها؟ قال: لا، وإن لبسها فلا يصلّي
فيها»(18)، فإنّها ظاهرة في جواز لبسها في غير الصلاة، وأنّ قوله (ع) «وإن لبسها» استثناء عن النهي، وإلا لكان التعبير هكذا: (ولا
يلبسها ولا يصلي فيها) ليستفاد منه حرمة اللبس والمانعية للصلاة أيضاً، ومثلها موثقة سماعة، قال: «سألته عن جلد الميتة
المملوح وهو الكيمخت؟ فرخّص فيه، وقال: إن لم تمسّه فهو أفضل»(19)، حيث يحمل الترخيص على الانتفاع باللبس ونحوه لا ما
يعمّ البيع بقرينة النهي عن بيع الميتة في الصحيحة المتقدّمة.
ويؤيّد جواز الانتفاع الروايات المتقدمة التي كان في سندها ضعف، وأمّا المنع عن بيع الميتة فمضافاً إلى صحيحة علي بن
جعفر المتقدّمة يقتضيه ما ورد في كون ثمن الميتة سحتاً(20)، ولكن في السند ضعفاً، لأنّ السكوني وإن كان لا بأس به على ما
ذكره الشيخ في العدّة من أنّ الأصحاب قد عملوا برواياته، إلا أنّ الراوي عنه ـ وهو النوفلي ـ فيه كلام، ولكن ليس هوعلى نقل الصدوق
في الخصال راوياً عن السكوني، إلا أنّ في السند موسى بن عمرو، وليس عندي توثيق له.
والحاصل أنّ الرواية مؤيّدة والعمدة في المنع الصحيحة، وهي لا تشمل الأجزاء التي لا تحلّها الحياة، ولا الميتة من الحيوان الذي لا
يكون له دم، بل لو تمّ الاطلاق لما تحلّه الحياة، لرفع اليد عنه بمثل حسنة حريز، قال: «قال أبو عبداللّه (ع) لزرارة ومحمد بن مسلم:
اللبن واللباء والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكلّ شيء يفصل من الشاة والدابة فهو ذكي، وإن أخذته منه بعد أن
يموت فاغسله وصلِّ فيه»(21)، حيث أنّ ظاهرها أنّ مثل المذكورات محكومة بالذكاة، فيجوز أكلها أو لبسها في الصلاة، إلى غير ذلك
من أحكام التذكية التي منها جواز البيع.