ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص21
[1] الأظهر عدم جواز بيع الميتة مطلقاً حتّى مع جواز الانتفاع بها، أمّا جواز الانتفاع، فلأنّ المنع وإن كان ظاهر بعض الروايات، إلا
أنّه لابدّ من رفع اليد عن ظهورها بحملها على كراهة الانتفاع، بقرينة ورود الترخيص في البعض الآخر من الروايات، وفي صحيحة
علي بن المغيرة قال: «قلت لأبي عبداللّه (ع): الميتة ينتفع منها بشي؟ فقال: لا“»(13)، وموثّقة سماعة، قال: «سألته عن جلود
السباع أينتفع بها؟ فقال: إذا رميت وسميت فانتفع بجلده، وأمّا الميت فلا»(14)، وصحيحة الكاهلي، قال: «سأل رجل أبا عبداللّه
(ع) وأنا عنده، عن قطع اليات الغنم؟ فقال: لا بأس بقطعها إذا كنت تصلح بها مالك، ثمّ قال: إنّ في كتاب علي (ع) أنّ ما قطع منها
ميت لا ينتفع به»(15) إلى غير ذلك، وربّما يحمل النهي فيها على الكراهة بشهادة رواية ابن إدريس عن جامع البزنطي صاحب الرضا
(ع) قال: «سألته عن الرجل يكون له الغنم يقطع من الياتها وهي أحياء، أيصلح أن ينتفع بما قطع؟ قال: نعم يذيبها ويسرج بها ولا
يأكلها ولا يبيعها»(16)، ورواها أيضاً في قرب الإسناد عن عبداللّه بنالحسن عن جدّه عن علي بن جعفر عن أخيه (ع).
ولكن مثل هذه الرواية لا تصلح لرفع اليد بها عن ظاهر ما تقدّم، فإنّ طريق ابن ادريس إلى جامع البزنطي غير معلوم لنا، وفي سند
قرب الإسناد عبداللّه بن الحسن العلوي ولم يثبت حاله، كما لا تصلح لذلك رواية الصيقل المتقدّمة، لضعفها على ما تقدّم، وإن
كانت دلالتها على جواز الانتفاع بل على جواز البيع تامّة، كما لا تصلح لرفع اليد عن ظهور ما تقدّم رواية أبي بصير، قال:
«سألت أبا عبداللّه (ع) عن الصلاة في الفراء؟ فقال: كان علي بن الحسين (ع) رجلاً صرداً فلا تدفئه فراء الحجاز، لأنّ دباغها
بالقرظ، فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه، فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الذي يليه، فكان
يُسئَل عن ذلك، فيقول: إنّ أهل العراق يستحلّون لباس الجلود الميتة، ويزعمون أنّه دباغه ذكاته»(17).