ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص11
أقول: الصحيح في عدم جواز بيعها هو هذا الوجه، وبهذا يظهر عدم الفرق بينها وبين الأبوال الطاهرة، لانتفاء المالية فيهما فعلاً، وما
يظهر من المصنّف «ره» من الميل إلى جواز بيع أبوا ما يؤكل لحمها بناءاً على جواز شرب أبوالها اختياراً لا يمكن المساعدة عليه،
فإنّ شربها ما لم يكن بحيث يبذل باعتباره المال لا يصحّح البيع، بل يكون تملّك المال بازائها من أكله بالباطل المحكوم
بالفساد في ظاهر الآية المباركة، وذكر السيد الخوئي أطال اللّه بقاءه أنّه لا دليل على حرمته بيع الأبوال النجسة وضعاً، فضلاً
عن حرمته تكليفاً، وذلك فإنّ الآية المباركة ناظرة إلى أسباب تملّك مال الغير التي كانت متعارفة زمان الجاهلية، من بيع الحصاة
والقمار ونحوهما وانّ تلك الأسباب كلّهاباطلة، إلا التجارة عن تراض، وأمّا أنّه يعتبر في ا لتجارة عن تراض المالية في المبيع
فليست الآية في مقام بيان مثل تلك الجهة، بل يكفي في صحّة البيع تعلّق غرض المشتري بالمبيع حتّى لا يكون بذله
المال بإزائه سفهياً، ثمّ ذكر أنّ هذا أيضاً لا يعتبر، فإنّه لا دليل على بطلان البيع السفهي، بل الدليل دلّ على بطلان بيع
السفيه، وفيه أنّ عنوان أكل مال الغير بالباطل كساير العناوين التي تعلّق بها الحكم الشرعي في خطابات الشارع في كون
مدلولها ثبوت الحكم لعنوان الموضوع بنحو القضية الحقيقة، فإنّ حمل الخطاب على ثبوت الحكم لعنوان بنحو القضية الخارجية أو
‘لى أخذ العنوان مشيراً إلى عنوان آخر يكون هو الموضوع في الحقيقة يحتاج إلى قرينة.
والحاصل أنّ ظاهر الآية هو أنّ عنوان تملّك مال الغير بالباطل في اعتبار العقلاء فيماإذا تحقّق يكون محكوماً بالفساد شرعاً،
وصدق العنوان على تملّك المال بإزاء بول الحمار مثلاً فضلاً عن الأبوال النجسة كبول الكلب لا يحتاج إلى تأمّل، ومعه لا يحصل
فيه عنوان البيع حتّى يحكم بحلّه، فضلاً عن عنوان التجارة عن تراض.