ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص5
والحاصل أنّ وضع اليد على مال الغير بالنحو الباطل ـ ولو في اعتبار العقلاء ـ فاسد عند الشارع أيضاً، وليس المتعلّق للنهي
هو خصوص التملّك بالباطل في اعتبار الشرع، حيث لا معنى للنهي عنه؛ لأنّه من اللغو الواضح، وأيضاً خطاب النهي عن وضع اليد
على مال الغير وتملّكه بالباطل كساير الخطابات من قبيل القضية الحقيقية، والموضوع فيه مطلق التملّك بالباطل لا خصوص
بعض أنواع التملّك، كالقهر على المالك، أو القمار، فمفاد الآية أنّه لا يكون وضع اليد على مال الغير مع انطباق عنوان الأكل
بالباطل عليه موجباً للملك شرعاً، سواء كان سنخ ذلك الوضع في زمان صدور الآية أم لم يكن.
وما عن السيد الخوئي أطال اللّه بقاءه من كون الآية ناظرة إلى ما كان مرسوماً في ذلك الزمان من أنحاء التملّك والحكم عليها بأن كلّها
باطلة إلا التجارة عن تراض فيه ما لا يخفى.
أمّا (أوّلاً): فلما ذكرنا من أنّ متعلّق النهي هو التملّك بالباطل لا التملّك مطلقاً، ولا خصوص بعض ما كان مرسوماً في ذلك
الزمان.
وأمّا (ثانياً): فلأنّ التجارة عن تراض غير داخل في متعلّق النهي حتّى مع عدم ذكر الاستثناء، فيكون استثناؤها منقطعاً لا
متصلاً.
وأمّا (ثالثاً): فلأنّ الموجب لأكل مال الغير شرعاً لا ينحصر بالبيع والشراء، فضلاً عمّا إذا كانا بقصد الربح، كما هو ظاهر
التجارة، كيف؟ وموجبات التملّك كثيرة كالاجارة والصلح والمزارعة والمساقاة والمضاربة والوكالة والقرض إلى غير ذلك، والالتزام
بالتخصيص ورفع اليد عن الحصر في هذه الموارد الكثيرة بعيد جدّاً.