احکام القرآن للجصاص-ج5-ص366
فاشتراها
ومن المدونة إذا لم يشغل العامل المال حتى نهاه ربه أن يتجر فتعدى فاشترى به سلعة لم يكن فارا وضمن المال والربح له كمن تعدى على وديعة عنده فاشترى بها سلعة فهو ضامن للوديعة والربح له بخلاف الذي نهاه رب المال عن شراء سلعة
وإن نهيته عن شراء سلعة في عقد القراض الصحيح أو بعد العقد قبل أن يعمل به ثم اشتراها فهو متعد يضمن ولك تركها على القراض أو تضمينه المال
ولو كان قد باعها كان الربح بينكما على شرطكما والوضيعة عليه خاصة لأنه فر بالمال من القراض حتى تعدى ليكون له ربحه وكذلك إن تسلف من المال ما ابتاع به سلعة لنفسه ضمن ما خسر وما ربح كان بينكما ( أو جنى كل أو أخذ شيئا فكأجنبي ) انظر قوله أو جنى كل ولعله ولو جنى كل
قال ابن الحاجب ولو جنى العامل أو رب المال على المال جناية أو أخذ شيئا كان عليهما كأجنبي والباقي على القراض حتى يتفاصلا
انظر لو كان رأس المال مائة فأخذ العامل خمسين وتجر بخمسين وصارت مائة ثم فلس ( ولا يجوز اشتراؤه من ربه ) من المدونة كره مالك أن يشتري العامل من رب المال سلعة وإن صح منهما لم يصح من غيرهما
قال ابن القاسم وإنما كرهه خوف أن يكون رأس المال قد رجع إلى ربه فصار القراض بهذا العرض
ابن المواز اختلف قول مالك في شراء العامل من رب المال فروى عبد الرحيم أنه خففه إن صح وكرهه في رواية ابن القاسم
وكذلك إن صرف منه وأما إن اشترى منه سلعة لنفسه لا للتجارة فذلك جائز اه
فانظر هذا مع قوله لا يجوز وانظر أول رسم من القراض ( أو نسيئة وإن أذن ) ابن المواز شراؤه بالدين على القراض أو يتسلف عليه لا يجوز أذن فيه رب المال أو لم يأذن وكيف يأخذ ربح ما يضمنه العامل في ذمته ( أو بأكثر ) من المدونة قال مالك في العامل يشتري سلعة بأكثر من رأس المال ليضمن ما زاد دينا ويكون في القراض لا خير فيه ( ولا أخذه من غيره إن كان الثاني يشغله عن الأول ) من المدونة قال مالك لو أخذ من رجل قراضا فله أن يأخذ قراضا من رجل آخر إن لم يكن الأول كثيرا يشغله الثاني عنه فلا يأخذ حينئذ من غيره شيئا
قال ابن القاسم فله أخذه وهو يحمل العمل بهما فله أن يخلطهما ولا يضمن ولا يجوز أن يكون ذلك بشرط من الأول أو الثاني ( ولا بيع ربه سلعة بلا إذن ) من المدونة قال مالك لا يبيع رب المال عبدا من القراض بغير إذن العامل وللعامل رده أو إجازته ( وجبر خسره وما تلف وإن قبل عمله إلا أن يقبض ) نقص هنا بالربح
قال ابن الحاجب ويجبر الخسران ولو تلف بعضه قبل العمل بالربح ما لم يتفاصلا
ومن ابن يونس القرضاء في القراض أن لا يقسم فيه ربح إلا بعد كمال رأس المال وأن المقارض مؤتمن لا يضمن ما هلك إلا أن يتعدى فيه
قال مالك وإذا ضاع بعض المال بيد العامل قبل العمل أو بعده أو خسره أو أخذه لص أو العاشر ظلما لم يضمنه العامل إلا أنه إن عمل ببقية المال جبر بما ربح فيه أصل المال فما بقي بعد تمام رأس المال كان بينهما على ما شرطا
ولو كان العامل قد قال لرب المال لا أعمل حتى تجعل ما بقي رأس المال ففعل وأسقطا الخسارة فهو أبدا على القراض الأول وإن حاسبه وأحضره ما لم يقبضه منه ثم يرده منه على باب الصحة والبراءة
انظر قوله إن بين أن يقبض المال ثم يرده إليه فرق
قال ابن رشد وهو نحو أول مسألة من كتاب البضائع من تسلف دينارا ثم رده لشيء وكرهه فقال اذهب لفلان يبدله لك فتلف بين أن يكون قبضه منه ثم رده فرق
قال ابن رشد ومثله الذي سلم ثوبا في طعام فحرقه رجل في يديه قبل قبضه ولابن رشد هنا كلام راجعه في أول مسألة من الكتاب المذكور ( وله الخلف وإن تلف جميعه لم يلزمه الخلف ) نقص هنا شيء فانظره
والمعنى لو ضاع المال بعد الشراء به وقبل نقده فله الخلف ولا يلزمه فإن أخلفه لم يجبر بربحه الأول وإن أبى فربح السلعة ونقصها للعامل وعليه نحو هذا قال ابن عرفة ومن المدونة قال ابن القاسم لو أخذ مائة قراضا فأخذ له اللصوص خمسين فأراه ما بقي فأتم له المائة فتكون هي رأس المال في هذا خمسون ومائة حتى يقبض ما بقي على المفاصلة وكذلك لو رضي أن يبقى ما بقي رأس المال لم ينفع
وأما لو أخذ اللصوص جملة رأس المال فأعطاه