پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام القرآن للجصاص-ج5-ص253

ثم إن تلف بعضه فبينكما إلا أن يتميز ) ابن عرفة خلط الوديعة بمثلها مكيلا أو موزونا أو بغير متيسر ميزه مغتفر وبغيره يوجب ضمانه

ومن المدونة من أودعته دنانير أو دراهم فخلطه بمثلها ثم ضاع المال كله لم يضمن وإن ضاع بعضه كان ما ضاع وما بقي بينهما لأن دراهمك لا تعرف من دراهمه ولو عرفت بعينها كانت مصيبة كل واحدة من ربها ولا يغيرها الخلط

وإن اودعته حنطة فخلطها بحنطة مثلها وفعل ذلك على الأحراز والدفع فهلك الجميع لم يضمن لأن المودع على مثل ذلك دخل وقد يشق على المودع أن يجعل كل ما أودعه على حدة ولأنه لو تعدى على الوديعة فأكلها ثم رد مثلها ثم ضاعت بعد رده لم يلزمه شيء فخلطه بمثلها كرد مثلها لم يضمن إذا ضاعت وإن كانت مختلفة ضمن وكذلك إن خلطت حنطتك بشعيره ثم ضاع الجميع فهو ضامن لأنه قد أفاتها بالخلط قبل هلاكها لأنها لا تتميز وليس كصنف واحد من عين أو طعام اه

وانظر قوله إنه يضمن بخلطها ولم يذكر ما يجوز له حينئذ

والذي للخمي إن كان عند رجل وديعتان قمح وشعير فخلطهما ضمن لكل واحد منهما مثل ما خلط له فإن اختارا رفع العداء عنه وأن يأخذاه مخلوطا ويكونان شريكين فيه جاز ذلك عند ابن القاسم وأشهب خلافا لسحنون

وقال ابن القاسم وتكون شركتهما على القيمة يريد قيمة القمح معيبا والشعير غير معيب ولا يجوز أن يقتسماه على ذلك وإنما يقتسمان الثمن

اه من اللخمي

والذي لابن رشد سواء خلطهما عداء أو غير عداء

قال والذي يوجبه الحكم أن يقتسماه بينهما مخلوطا على قيمة القمح والشعير يوم الخلط ويقوم القمح غير معيب خلاف قول سحنون إن القمح يقوم معيبا والشعير غير معيب

وقوله يباع ويقتسمان الثمن استحسان إذ لا مانع يمنع من اقتسام الطعام بعينه على القيم ولو لم يجز اقتسامه بعينه على القيم لما جاز اقتسام ثمنه على ذلك لأنه إنما يباع على ملكهما فإنما هو يأخذ ثمن ما كان أخذه له ولا يجوز لهما أن يقتسماه على الكيل

راجع نوازل ابن رشد وثاني ترجمة من الوديعة من اللخمي وأول ترجمة من الوديعة من ابن يونس

وانظر إجازتهم ببيع القمح المخلوط مع الشعير إنما جاز ذلك لأنه بغير فعلهما

وانظر اختلاط الزرع عند الحصاد أول ترجمة المزارعة من ابن سلمون وذكر عن ابن حبيب أنهم يقتسمونه على حسب الزريعة

ومن رسم حلف من سماع عيسى يحلف كل واحد على ما بذروا ويقتسمون الطعام على عدد ذلك قال ابن رشد وهذا كما قال

ومعنى هذا عندي بعد أن يتراجعوا بما لبعضهم على بعض من فضل في العمل

وقال ابن أبي زيد في قسمة الشعير والزيتون عند الخلط أن يتقارر أرباب ذلك بينهم على شيء معلوم فهو كذلك وإن تجاهلوا فليس إلا الاصطلاح قال البرزلي كثيرا ما يقع عندنا يتونس تأتي السيول بالزيتون في تلك الأودية وحكي هكذا

وكذلك ما اختلط على يد اللصوص من الزرع والأطعمة وكذا ما وقع في الرواية في السفن إذا اختلط فيها الطعام

وفي طرر ابن عات إذا اختلط الكتان في الوادي لسيل أو غيره ولم يعرف كل واحد ماله تحلل أصحابه في ذلك

وانظر ما تقدم في الطعام المستهلك أنه إن أخذ ما لا يشك أنه أقل من طعامه جاز مع ما تقدم لابن حبيب من قسمة الزرع المخلوط على حسب الزريعة مع ما تقدم لابن رشد من تخفيف اقتسام الطعام المخلوط بالقيمة

ولو خلط عداء هل يكون ذلك كله مسوغا للذين يخلطون ألبانهم أن يأخذ الإنسان من الجبن القدر الذي لا يشك أنه يخرج له من لبن غنمه لو أفردها وقد بسطت في سنن المهتدين أن إقدام المرء على شيء بتأويل ليس كمن أقدم عليه مجاهرا ومن أكل حراما يعتقد أنه حلال أثيب على قصده ولا يعاقب على فعله ولا يظلم به قلبه ومن أقدم على حلال صرف يعتقد شبهته قسا قلبه به وأظلم وإن كان معتقدا حرمته كان ذلك جرحة فيه وعليه درك المخالفة مع كون ذلك الشيء في نفسه