احکام القرآن للجصاص-ج5-ص175
تغرز في جداره روى ابن وهب خشبة بلفظ الوحدة ورواه عبد الغني خشبه على الجمع وفي رواية لما حدثهم أبو هريرة نكسوا رؤوسهم فقال أبو هريرة ما لي أراكم معرضين أما والله لأرمين بها بين أكتافكم
والصواب بالتاء
وروي بالنون أكنافكم
ذهب مالك إلى أن هذا ندب لقوله عليه الصلاة والسلام لا يحل مال امرىء مسلم إلا عن طيب نفس منه
وقال الشافعي وأحمد بن حنبل وداود وأبو ثور وجماعة ذلك على الوجوب إذا لم يكن في ذلك مضرة على صاحب الجدار
ومن حجتهم قول أبي هريرة والله لأرمين بها بين أكتافكم وأبو هريرة أعلم بمعنى ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان ليوجب عليهم غير واجب
ومن حجتهم أيضا قالوا هذا من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموافق
وأما قوله عليه الصلاة والسلام لا يحل مال امرىء مسلم إنما هو على التمليك والاستملاك وليس المرفق ذلك وكيف يكون منه والنبي صلى الله عليه وسلم فرق بين ذلك فأوجب أحدهما ومنع من الآخر واحتجوا أيضا بأن عمر بن الخطاب قضى بذلك وقال لابن مسلمة والله ليمرن ولو على بطنك
وقال له لم متنع أخاك ما ينفعه ولا يضرك فلو لم يكن ذلك واجبا عند عمر ما جبره على ذلك قضى لابن عوف على ابن زيد
ومما احتج به من ذهب مذهب الشافعي أن غلاما استشهد يوم أحد فجعلت أمة تمسح التراب عن وجهه وتقول أبشر هنيئا لك الجنة
فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما يدريها لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ويمنع ما لا يضره
وهذا حديث ليس بالقوي
وانظر في طرر ابن عات أن لجار المسجد أن يغرز خشبه فيه إذا لم يضر به فإن لم يجاور المسجد دار رجل فلا يعلق منه شيء
وانظر فيها أيضا من أراد أن يعلق بيتا في داره على أرجل من حائط جاره كان ذلك له إن لم يضر بجاره وليس له أن يمنعه أن يمس خشبة في جداره إذا لم يضر به وليس له أن يضرب وتدا في جداره ولا أن يضم إليه ما يضر به كالزبل والتبن ( وإرفاق بماء وفتح باب ) الباجي قال مطرف وابن الماجشون كل ما طلبه جاره من فتح باب أو إرفاق بماء أو طريق وشبهه فهو مثله لا ينبغي أن يمنعه مما لا يضره ولا ينفعه منه ولا يحكم به عليه ( وله أن يرجع وفيها إن دفع ما أنفق أو قيمته وفي موافقته ومخالفته تردد ) من المدونة قال مالك من أذنت له أن يبني في أرضك أو يغرس فلما فعل أردت إخراجه فأما بقرب إذنك له مما لا يشبه أن تعيره إلى مثله تلك المدة القريبة فليس له إخراجه إلا أن يعطيه ما أنفق
وقال في باب بعد هذا قيمة ما أنفق
ابن يونس قيل معنى قوله قيمة ما أنفق أي إذا أخرج من عنده شيئا من آجر أو جير
وقوله ما أنفق إذا أخرج ثمنا فاشترى به هذه الأشياء
ابن يونس فعلى هذا التأويل لا يكون اختلافا من قوله
وقيل رأى أن يعطيه قيمة ما أنفق إذا لم يكن فيه تغابن أو كان فيه تغابن يسير ومرة رأى أن القيمة أعدل إذ قد يسامح مرة فيما يشتريه ومرة يغبن فيه فإذا أعطى قيمة ذلك يوم بنائه لم يظلم
ابن يونس فيكون على هذا اختلاف من قوله
ابن يونس والتأويلان معا محتملان
وقيل تأويل آخر هو خطأ اه
انظر لم يذكر الحكم إذا أبى أن يدفع شيئا وقد قال في المدونة إن لم يعطه