احکام القرآن للجصاص-ج5-ص174
( وإلا فكالملك لجميعهم ) حصل ابن رشد في فتح الرجل بابا أو تحويله عن موضعه في الزقاق الذي ليس بنافذ ثلاثة أقوال أحدها أن ذلك لا يجوز له بحال إلا بإذن جميع أهل الزقاق قال وهو الذي ذهب حليه ابن زرب وأقامه من المدونة وبه جرى العمل بقرطبة
الثاني أن له ذلك ما لم يقابل باب جاره ولا قرب منه فيقطع به مرفقا عنه وهو قول ابن القاسم في المدونة
وسئل سحنون عن درب كبير غير نافذ فيه زنقة في ناحية غير نافذة ولرجل في أقصاها باب فأراد أن يقدمه إلى طرق الزنقة فمنعه أهل الدرب قال لهم أن يمنعوه ولا يحركه من موضعه إلا برضا أهل الدرب
ابن يونس هذا خلاف للمدونة وما في المدونة أصوب وهو قول مالك وابن القاسم وأشهب وابن وهب وهذا بخلاف الدار المشتركة لأن المشتركة مشاعة لا يتميز حظ أحدهم عن صاحبه فما يفتح فيه مشترك فلا يجوز إلا باجتماعهم والدور في الدروب غير النافذة متميزة فلكل واحد أن يصنع في ملكه ما لا يضر بجاره ( إلا بابا إن نكب ) تبين بهذا أنه لم يبن على ما جرى به العمل بقرطبة وأقامه ابن زرب من المدونة وأفتى به وهو مقتضى ما تقدم لسحنون وإنما بنى على مذهب المدونة أن السكة غير النافذة كالملك لجميعهم لا يستحدث فيها إلا بإذنهم إلا بابا نكب فله ذلك وقد تقدم نقل ابن يونس أن هذا بخلاف الدار المشتركة
وانظر هنا مسألة في سماع ابن القاسم فيمن له داران في رحبة لأهل الطريق ارتفاق بالأحمال بها حين ضيق الطريق بالأول وشبهها ليس له أن يجعل عليها بابا حتى تكون الرحبة له فناء ولم يزد فيها ابن رشد شيئا
قال ابن عرفة ونزلت عندنا بتونس في موضعين فحكم بهدم الباب وإزالته ( وصعود نخلة وأنذر بطلوعه ) ابن يونس قال مطرف وابن الماجشون من صعد إلى شجرة يجنيها فيرى منها ما في دار جاره فلا يمنع من هذا ولكن يؤذن جاره وقال ابن وهب نحوه انتهى
وسئل ابن رشد عن صومعة أحدثت يطلع منها على بعض الدور هل هي كالشجرة يطلع منها حين اجتنائها على دار الجار فأفتى بسد كل ما يطلع منه على دار وفرق بينها وبين الشجرة بكثرة صعود الصومعة وقلة طلوع الشجرة انتهى
انظر لم يستوف الكلام على ضرر الاطلاع
وفي نوازل ابن الحاج لا خلاف في منع الاطلاع على الدور ولا خلاف في إباحة البناء الذي يطلع منه على الفدادين والمزارع ويختلف في الجنات
قال المشاور يمنع الاطلاع إذا تبينت الأشخاص وإلا فلا
ابن عرفة انظر هل أراد الأشخاص باعتبار الصنف كالرجل من المرأة أو النوع كالإنسان من غيره وأما بالجزئية كزبد من عمر فلا
ثم ذكر ابن عرفة من شكا شجرة بدار جاره أن يتطرق إليه منها أنه ليس له قطعها بخلاف ما دخل من أغصانها في داره بخلاف شجرة في أرضه لغيره ليس له قطع ما انبسط منها
ثم ذكر أن المعنى في الاطلاع أن ما لا يوصل إليه من الاطلاع إلا بكلفة ومؤنة وقصد إلى التطلع بتكلف صعود لا وجه له إلا ذلك لم يمنع منه ويؤدب إن اطلع
قال وأفتى الشيوخ عندنا فيمن فتح في قصبته بابا لا يطلع منه على دار جاره إلا بأن يخرج رأسه من الباب أن يجعل على الباب شرجبا وثيقا يمنع من إخراج أحد رأسه منه وهو حسن من الفتوى انتهى
من ابن عرفة وانظر فصل الضرر في ابن سلمون قبل ترجمة الأحباس ذكر فيه إذا أذن له في إحداث ضرر هل له أن يرجع وإن علم بالضرر وسكت عشرة أعوام فلا قيام له وإذا أحدث عليه بناء فسكت حتى تم البناء يحلف أنه ما سكت رضا فإن باع سقط قيامه ( وندب إعارة جداره لغرز خشبه ) الموطأ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع أحدكم جاره خشبه