احکام القرآن للجصاص-ج5-ص88
( وإن صالحك مقر بخطأ بماله لزمه ) من المدونة لو أقر بقتل خطأ ولم تقم بينة فصالح الأولياء على مال قبل أن تلزم الدية العاقلة بقسامة وظن أن ذلك يلزمه فالصلح جائز لازم
ابن يونس جعل صلحه كحكم حاكم عليه بالدية في ماله فلا ينقض للاختلاف فيه ( وهل مطلقا أو ما دفع تأويلان ) قال أبو عمران ليس في المدونة بيان إذا صالح هل له الرجوع أو لا رجوع له والصلح لازم وذهب ابن محرز أنه إنما يلزمه ما دفع لا ما لم يدفع ( لا إن ثبت وجهل لزومه وحلف ورد إن طلب به مطلقا أو طلبه ووجد ) من المدونة قال مالك والقاتل خطأ إذا صالح الأولياء على مال نجموه عليه فدفع إليهم نجما ثم قال ظننت أن الدية تلزمني دون العاقلة فذلك له ويوضع عنه ويتبع أولياء المقتول العاقلة
قال ابن القاسم ويرد عليه أولياء القتيل ما أخذوا منه إذا كان يجهل ذلك
ابن يونس قال جماعة من أصحابنا وعليه اليمين أنه ظن أن الدية تلزمه قالوا وينظر فيما دفع في الصلح فإن كان قائما أخذه وإن فات فإن كان هو الطالب للصلح فلا شيء له قبلهم كمن عوض من صدقة وقال ظننته يلزمني وإن كان مطلوبا بالصلح فإنه يرجع على الأولياء بمثل ما دفع إليهم أو بقيمته إن كان مما يقوم ( وإن صالح أحد وليين وارثين وإن عن إنكار فلصاحبه الدخول كحق لهما في كتاب أو مطلق ) من ابن يونس القضاء إن كان ذكر حق لرجلين بكتاب واحد فإن ما اقتضى أحدهما يدخل فيه الآخر وكذلك الوارثان يصالح أحدهما رجلا قد كان عامله وليهم وهو مقر بما ادعى عليه من دين الميت أو منكر فإن لصاحبه الدخول معه فيما صالحه به ثم يكون بقية الدين بينهما
قال مالك وكل شريكين لهما ذكر حق بكتاب أو بغير كتاب إلا أنه من شيء كان بينهما فباعاه في صفقة بمال أو عرض يكال أو يوزن أو كان ذلك الحق من شيء اقتضاه من عين أو طعام أو غيره مما يكال أو يوزن أو ورثا هذا الذكر الحق فإن ما قبض منه أحدهما يدخل فيه الآخر
وكذلك إن كانوا جماعة فإنه يدخل فيه بقية إشراكه إلا أن يشخص فيه المقتضى بعد الإعذار إلى شركائه في الخروج معه أو الوكالة فلم يخرجوا أو يوكلوا لم يدخلوا فيما اقتضى وإن شخص لذلك دون الإعذار إليهم فشركاؤه بالخيار إن شاؤوا سلموا له ما قبض واتبعوا الغريم وإن شاؤوا أشركوه فيما قبض قبض جميع حصته أو بعضها
ولو كان الحق بكتابين كان لكل واحد ما اقتضى وإن كان من شيء أصله بينهما وباعاه في صفقة
ولو كان بينهما بكتاب واحد أو مما أصله بينهما بغير كتاب فقبض أحدهما حصته إن سلم له شريكه ثم أراد أن يدخل معه فليس ذلك له وإن أعدم الغريم لأن ذلك مقاسمة للدين كما لو ورث دينا على رجل فاقتسما ما عليه جاز وصار كذكر حق واحد بكتابين لكل واحد ما اقتضى
وذكر عن أبي محمد في الرجلين يبيعان سلعتيهما ولا شركة بينهما في ذلك ويكتبان دينهما بكتاب واحد أن لكل واحد ما اقتضى لا يدخل عليه فيه صاحبه
وفي هذا نظر وظاهر المدونة خلافه
وهذا على القول في جواز جمع الرجلين سلعتيهما في البيع انتهى
ثم مضى ابن يونس على كلام طويل ثم قال في آخر ذلك ما نصه ومن كتاب الصلح قال ابن القاسم لو كان دينهما ثيابا أو عروضا تكال أو توزن أو لا توكل ولا توزن من غير الطعام والإدام فصالح أحدهما أو باع حقه بعشرة دنانير جاز ولشريكه أخذ نصفها ثم يكون ما بقي على الغريم بينهما وإن شاء سلم له ذلك واتبع الغريم بجميع حقه ثم لا رجوع له على الشريك وإن أعدم انتهى
وقال عياض قوله في مسألة الرجلين لهما ذكر حق بكتاب واحد أو بغير كتاب من بيع باعه بعين أو بما يكال أو يوزن غير الطعام والإدام أو شيء أقرضاه من الدنانير والدراهم أو الطعام الخ
قيل إنما استثنى الطعام هنا من بيع لأن إذنه له في الخروج لاقتضاء نصيبه مقاسمة والمقاسمة فيه كبيعه قبل استيفائه
قال ابن أبي زمنين وغيره وفي الأسدية لمالك خلاف هذا وهذا أصل متنازع فيه هل القسمة بيع أو تمييز حق
وحمله أبو عمران وغيره على أنه راجع إلى مآل المسألة من بيع أحدهما نصيبه من غيره ومصالحته إياه عنه كما ذكر ذلك آخر الكتاب وكرر بلفظه فقال من غير الطعام والإدام فصالح من ذلك على دنانير فهذا يبين أنه مراده وأن ذلك بيع الطعام قبل استيفائه