احکام القرآن للجصاص-ج4-ص418
يشترط عليه أنه يعمله بيديه فسأله أن يقدم له أجرة وهو يقول لا أعمل في عمله إلى شهر قال مالك إذا كان إنما يعمل بيديه فيما يعرف منه أو اشترط ذلك عليه فلا يصح أن يقدم إليه أجره حتى يبدأ في عمله فليقدم إليه أجره إن شاء فإن مات قبل أن يفرغ من عمله أخذ منه بقية رأس ماله على حساب ما عمل وما استأجره عليه ولم يكن له في مال العامل تمام ذلك العمل استأجره عليه أياما مسماة أو قاطعه مقاطعة
ابن رشد الإجارة على عمل شيء بعينه كنسج الغزل وخياطة الثوب على قسمين أحدهما أن يكون العمل مضمونا في ذمة الأجير فهذا لا يجوز إلا بتعجيل الأجر أو الشروع في العمل لأنه متى تأخرا جميعا كان الدين بالدين فلا يجوز إلا بتعجيل أحد الطرفين أو تعجلهما جميعا
القسم الثاني أن يكون العمل متعينا في عين الأجير فيجوز بتعجيل الأجر وتأخيره على أن يشرع في العمل فإن لم يشرع في العمل إلى أجل لم يجز النقد إلا عند الشروع في العمل
وقوله إنه إذا لم يفعل في عمله إلى شهر فلا يجوز أن يقدم إليه إجارته يدل على جواز الإجارة إذا لم يقدم الإجارة وهو نحو ما في المدونة فإنه أجاز كراء الراحلة بعينها على أن يركبها إلى شهر إذا لم ينقد فيحتمل قول ابن حبيب لا يجوز من ذلك إلا الأيام القلائل مثل الجمعة وما لا يطول أن يكون معناه مع النقد فيتفق القولان
انظره في أول مسألة من سماع ابن القاسم من الإجارة
وذكر أن الإجارة تنفسخ بهلاك المصنوع مطلقا ولا ينفسخ بموت الصانع إلا أن يكون معينا وذكر أنه لا يلزم الأجر حتى يتم العمل بخلاف الكراء وانظر إذا لم يصرح بعمل العامل هل يحمل على المضمون انظره فيه
وفي رسم طلق من تضمن الصناع إذا قبض القصار أجرته ودفع الثوب لقصار آخر وفر هو فإن كانت إجارة مضمونة أخذ ثوبه بلا شيء وإلا غرم له أجرة مثله إلا أن يكون علم بتعدي الأول في استئجاره إياه على ما وجب عليه أن يعمله بيده
انظر الرسم المذكور من سماع ابن القاسم
وسمع القرينان لا بأس أن يقول الرجل العامل لمثله أعني خمسة أيام وأعينك خمسة أيام في حصاد زرعك ودرسه وعمله
ابن رشد لأنه من الرفق فكان ذلك ضرورة تبيح ذلك وإنما يجوز ذلك فيما قل وقرب من الأيام وإن اختلفت الأعمال
قال أشهب لا بأس أن يأخذ الرجل عبد الآخر النجار ويعمل له اليوم على أن يعطيه الآخر عبده الخياط يخيط له غدا وإن قال إحرث لي في الصيف وأحرث لك في الشتاء فلا خير فيه
ابن عرفة وعلى هذا الأصل تجري مسألة دولة النساء الواقعة في عصرنا في اجتماعهن في الغزل لبعضهن حتى يستوفين فإن قرب مدة استيفائهن من الغزل بجميعهن كالعشرة الأيام ونحوها وعينت المبتدأ لها ومن يليها إلى آخرهن وصفة الغزل جاز وإلا فسدت وكان سيدي ابن سراج رحمه الله يقول إنما منع في الرواية احرث معي في الصيف وأحرث لك في الشتاء فقد لا يلزم أن لا يضيق في المدة هذا التضييق
ابن المواز يجوز أن يقول خذ حماري اعمل عليه خمسة أيام وتعمل لي عليه خمسة أيام
ابن رشد فلو قال اعمل عليه شهرا لنفسك وشهرا لي لوجب أن يجوز ذلك إن بدأ بالشهر الذي لنفسه وأن لا يجوز إن بدأ بالشهر الذي لصاحب الدابة لأنه بمنزلة من نقد كراء دابة يركبها إلى شهر
هكذا قال انظر في سماع أبي زيد في الأكرية
ومن ابن يونس إن اكترى سفينة بعينها على أن يركبها وقت صلاح الركوب جاز إن لم ينقد إلا إن كان وقت صلاح الركوب قريبا مثل نصف شهر ونحوه جاز النقد وإن بعد كالشهرين ونحوهما لم يجز النقد ( ومنع إن بلا شرط في مواضعة وغائب وكراء ضمن وسلم بخيار ) ابن رشد أما النقد من غير شرط في أيام الخيار فجائز إلا فيما لا يمكن التناجز فيه بعد أمد الخيار كالسلم والعبد الغائب والجارية التي فيها المواضعة لأنه إن تم البيع دخله فسخ الدين
اللخمي وكذلك مضمون الكراء فإن نزل لم يفسخ اه
انظر إن كان هذا مراعاة لقول أشهب ( واستبد بائع أو مشتر على مشورة غيره ) ابن رشد لكل واحد من المتبايعين أن يشترط مشورة غيره ولا خلاف أن لمشترطها تركها
قال في المدونة لو ابتاع سلعة على أن يستشير فلانا جاز له أن يخالفه إلى رد أو إجازة ولا يمنعه البائع ( لا خياره ورضاه وتؤولت أيضا على نفيه في مشتر وعلى نفيه في الخيار فقط وعلى أنه كالوكيل فيهما ) ابن عرفة المشهور صحة اشتراط خيار ثالث إن قربت غيبته وفي استبداده بالأخذ والرد سبعة أقوال
ونص المدونة قال مالك لا بأس أن يشتري لنفسه سلعة على رضا فلان أو خياره ثم ليس للمبتاع رد أو إجازة دون خيار من اشترط ابن يونس لم يبين ها هنا هل للبائع خلاف من اشترط خياره أو رضاه