احکام القرآن للجصاص-ج4-ص54
أنت طالق يعني من الوثاق دينته ونويته
ابن يونس ولا يخالف ذلك ابن القاسم إن شاء الله إذا سئل في تركها فقال أنت طالق وقال أردت من الوثاق ولأنه بساط جوابه
وأما لو كانت في وثاق فقال لها كلاما مبتدأ أنت طالق وقال نويت من الوثاق فهذه تحتمل أن لا ينويه
ابن القاسم ويخالف مطرفا في ذلك ( والثلاث في بتة ) المتيطي أما كنايات الطلاق المستعملة فيه فنحو حبلك على غاربك وبائن وبرية أو حرام أو اعتدي أو أنت خلية أو أنت علي كالميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو قد فارقتك أو سرحتك أو خليت سبيلك أو اذهبي حيث شئت أو انظري لنفسك أو اعتزلي أو اخرجي أو ما أنت لي بامرأة أو لا سبيل لي عليك أو لا عصمة لي عليك أو لا حاجة لي بك أو قد وهبتك لنفسك أو لأهلك أو قال لهم شأنكم بها فهذه الكنايات كلها يستعملها المطلق فبأيها نطق ونوى به الطلاق وأراد به ألبتات فإنه يلزمه وإن نوى من الطلاق واحدة فإن كان قبل البناء فهو ما نوى إلا ألبتة اه
انظر الفرق الواحد والستين والمائة من شهاب الدين أن لفظ الخلية والبرية والحرام إنما لزم به الثلاث بسبب العادة في ذلك الزمان فلا يحل للمفتي أن يفتي اليوم في هذه الألفاظ بالثلاث حتى يعلم أن ذلك لم ينوع فإن الفتيا بالحكم المبني على مدركه بعد زوال مدركه خلاف الإجماع
( وحبلك على غاربك ) انظر هذا فقد تقدم للمتيطي أن له نيته فيه قبل الدخول بخلاف البتة وعزاه ابن يونس لابن المواز وظاهره أنه تفسير للمدونة ( أو واحدة بائنة ) اللخمي المشهور في أنت بائنة أنه ثلاث وينوي قبل البناء لا بعده وهو مذهب المدونة اه
انظر هذا أيضا فهو بخلاف ألبتة
وعبارة ابن يونس إن قال لها بعد البناء أنت طالق واحدة بائنة فهي ثلاث وكذلك إذا قال لها ادخلي يريد بقوله ذلك واحدة بائنة فهي ثلاث
وسئل ابن رشد عمن نازعته زوجته فقال لها أنت طالق فعوتب على ذلك فقال هي طالق ثلاثا ثم يريد مراجعتها زاعما أن طلاقه الأول إنما أراد به المبارأة فقال ابن رشد يصدق إن أتى مستفتيا
وقال المتيطي يكره أن يطلق امرأته طلقة مبارأة أو خلع دون أخذ أو إسقاط فإن وقع فثالث الأقوال أنها طلقة بائنة
قاله ابن القاسم وحكاه القاضي أبو محمد عن مالك وبه القضاء وتعقد عليه في ذلك طلاق فلان بعد قوله طلقة واحدة على سنة المبارأة ثم قال وثالث الأقوال أن لهذه المطلقة السكنى ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا وهو قول مالك وجميع أصحابه قال وهو الصحيح ( أو نواها بخليت سبيلك ) من المدونة إن قال قد خليت سبيلك وقد بنى أو لم يبن فله نيته في واحدة فأكثر منها فإن لم تكن له نية فهي ثلاث
قال ابن وهب عن مالك وقد فارقتك مثل خليت سبيلك
ابن المواز وروي عن مالك في خليت سبيلك وفي قد فارقتك أنها واحدة حتى ينوي أكثر بنى أو لم يبن وهو أصح
اه من ابن يونس
( أو ادخلي ) تقدم نص ابن يونس قبل قوله أو نواها ( والثلاث إلا أن ينوي أقل إن لم يدخل بها في كالميتة والدم ووهبتك ورددتك لأهلك ) تقدمت هذه الألفاظ كلها وما هو مثلها للمتيطي وأنه إن نوى بها واحدة قبل الدخول فله ما نوى وسيأتي لابن رشد أنه كذلك بعد البناء ( وأنت أو ما أنقلب إليه من أهل حرام ) تقدم أيضا للمتيطي أنه إن نوى قبل البناء بانت حرام واحدة فله ما نوى
ومن المدونة قال مالك من قال لزوجته قبل البناء أو بعده أنت علي حرام فهي الثلاث ولا ينوي في المدخول بها وله نيته في غير المدخول بها في واحدة
ابن يونس لأنها تبين منه وتحرم عليه بالواحدة وأما المدخول بها فلا تبين إلا بالثلاث إلا في طلقة يكون معها فداء فذلك فرق بين المدخول بها وغير المدخول بها اه
وانظر قد نصوا أن من طلق طلاق الخلع فهو بائن وهو طلاق زماننا فعليه صار حكم المدخول بها وغيرها سواء وبهذا كان أشياخنا وأشياخهم يفتون وقد نص ابن بشير على هذا المعنى فانظره
ومن التلقين في بائن وحرام هما ثلاث في المدخول بها إلا أن يكون على وجه الخلع
أبو عمر للعلماء في قول الرجل لامرأته أنت علي حرام ثمانية أقوال وحكى ابن خويز منداد عن مالك أنها واحدة بائنة وإن كانت مدخولا بها
وقال الأوزاعي إن لم ينو شيئا فهي يمين يكفرها ونحو هذا هو للشافعي وأبي حنيفة أنه إن لم ينو طلاقا فهي يمين
وقال مسروق وأبو سلمة والشعبي تحريم الزوجة كتحريم الماء ليس بشيء