احکام القرآن للجصاص-ج3-ص374
أن يمر الجيش بين يديها وهي تنظر حتى مر ابن الزبير فقالت هذا والمسيح قاتل أبي
فقال ابن أبي سرح لم كتمتنا قال قد علم الذي قتلته له فقال ابن أبي سرح إذن والله انفلك ابنته فنفله إياها واتخذها أم ولد
ونقل أيضا في عيون الأخبار أن مسلمة حاصر حصنا من حصون الكفار وندب الناس للدخول من نقب هناك فما دخله أحد
فجاء رجل من عرض الجيش فدخله ففتحه الله عليهم فنادى مسلمة أين صاحب النقب فما جاء أحد فنادى إني عزمت عليه أن يأتي فأتى رجل وقال صاحب النقب يأخذ عليكم ثلاثا أن لا تجعلوا اسمه في صحيفة إلى الخليفة
ولا تأمروا له بشيء ولا تسألوه ممن هو
فقال مسلمة ذلك له
فقال أنا هو
فكان مسلمة لا يصلي صلاة إلا قال اللهم اجعلني مع صاحب النقب
وقال أيضا إن السلف اختلفوا في جواز الجهاد بالراتب قال وعلى القول بالجواز إن كانت إن منع الراتب لم يخرج وإنما خرج من أجل المرتب فهذا إن قتل فهو شهيد في الظاهر لا يغسل ولا يصلى عليه وهو عند الله غير شهيد قال إلا أن حضرت له نية عند اللقاء فيكون شهيدا عند الله في هذه الحالة
وأما غدوه ورواحه وما ناله قبل ذلك من غبار وخوف فليس له فيه أجر
ونقل أيضا أعني صاحب كتاب معارف الأشواق أن النية في الجهاد لا تنحصر لتنوع المقاصد أعلاها من يقصد بجهاده وجه الله تعالى لاستحقاقه هذه العبادة وأمره بها وافترضها على عباده من غير التفات لجزاء عليها لا في الدنيا ولا في الآخرة
قال ومنه ما رواه الجوزي بسنده إلى ميسرة
قال غزونا بعض الغزوات فإذا بين الصفوف شاب فحمل على الميمنة ثم حمل على القلب ثم قال أحسن بمولاك سعيد ظنا هذا الذي كنت له تمنى تنحى يا حور الجنان عنا لا فيك قاتلنا ولا قتلنا لكن إلى سيدنا إشتقنا قد علم السر وما أعلنا ثم حمل وهو يقول قد كنت أرجو ورجائي لم يخب أن لا يضيع اليوم كدي والتعب يا من ملا تلك القصور باللعب لولاك ما طاب وما طاب الطرب ثم حمل حتى قتل منهم عددا كثيرا ثم رجع فحمل وهو يقول يا لعبة الخلد قفي ثم اسمعي لا فيك قاتلنا فكفى وارجعي ارجعي إلى الجنان واترعي لاتطمعي لا تطمعي لا تطمعي ثم حمل فقاتل حتى قتل ( كمتلصص ) تقدم نص ابن الحاجب بهذا ويبقى النظر هل يجوز ذلك وقد قال سحنون أصحابنا يرون في سرية تخرج في قلة وغرر بغير إذن الإمام فغنموا
فإن للإمام أن يمنعهم الغنيمة أدبا لهم
فقال سحنون فأما جماعة لا يخاف عليهم فلا يحرمهم الغنيمة وإن لم يستأذنوه يريد وقد أخطؤا
ابن الحاجب المستند إلى الجيش من منفرد وسرية كالجيش وإلا فهم كالمتلصص ( فيخمس المسلم دون الذمي وفي العبد قولان ) وقد تقدم قول ابن عرفة ما ملك من أموال الكافرين غنيمة وفيء ومختص
ثم قال والمختص بأخذه ما أخذه من مال حربي غير مؤمن دون علمه أو كرها دون صلح ولا قتال
قال ابن القاسم في الأسير من المسلمين يخرج من أرض العدو هاربا منهم فيخرج بأموال أصابها لهم لا خمس عليه فيما إنما يخمس ما يوجف عليه الخيل والركاب
وقال في العبد يخرج متلصصا في بعض قرى العدو فيصيب غنائم إنها تخمس ويكون فضل ذلك له
والفرق بين ما خرج به الأسير وبين إصابة العبد المتلصص أن الخمس فيما تعمد الخروج لإصابته والأسير ليس للإصابة خرج ولا للقتال تعرض فلذلك لم أر فيه خمسا
قيل فإن خرج حر وعبد متلصصين فغنما قال يخمس ما أصابا ثم يقسم ما بقي بينهما
قيل فإن خرج ذمي متلصصا مع الحر المسلم فغنما قال يخمس حظ المسلم ولا خمس في حظ الذمي ( وخمس مسلم ولو عبدا على الأصح ) ابن القاسم يخمس ويقسم الباقي بين العبد والحر وهذا خلاف لسحنون وأصبغ
قال ابن رشد وجه قول ابن القاسم أن العبد لما كان إذا لم يكن من جملة عسكر المسلمين كالحر في أن له ما غنم وجب أن يكون مثله في أن عليه الخمس لأنه مؤمن والله تعالى يقول( واعلموا أنما غنمتم( الآية
( لا ذمي ) تقدم نص ابن القاسم لا خمس في حظ الذمي
قال ابن رشد لأن الكافر إذا خرج غازيا مع الأحرار ولم يكن في حيز التبع كان له حقه من الغنيمة فكذلك إذا خرج مع الرجل أو الرجلين أو الأربعة كان له سهمه
انظر عند قوله واستعانة بمشرك ( ومن عمل سرجا أو سهما ) تقدم نص بهذا عند قوله وجاز أخذ محتاج إليه