احکام القرآن للجصاص-ج3-ص358
( وانتقال من موت لآخر ) من المدونة قال مالك وإذا أحرق العدو سفينة للمسلمين فلا بأس أن يطرحوا أنفسهم في البحر لأنهم فروا من موت إلى موت
ابن رشد الصواب أن ترك ذلك أفضل وفعله جائز ( ووجب إن رجا حياة ) ابن بشير إذا حصل أحد من المسلمين في صورة يخاف فيها من القتل فأراد أن ينتقل عنها فإن رجا السلامة فالانتقال واجب عليه وإن رجا السلامة بالبقاء وجب عليه
ولم نقل اللخمي أن له أن يثبت للموت ولا يفر للأسر قال هذا غير بين انظره فيه ( أو طولها ) انظر ابن بشير ( كالنظر في الأسرى بقتل أو من أو فداء أو جزية أو استرقاق ) ابن رشد ذهب مالك وجمهور أهل العلم أن الإمام مخير في الأسرى بين خمسة أشياء فإما أن يقتل وإما أن يأسر ويستعبد وإما أن يعتق وإما أن يأخذ فيه الفداء وإما أن يعقد عليه الذمة ويضرب عليه الجزية وهذا التخيير ليس على الحكم فيهم بالهوى وإنما هو على جهة الاجتهاد في النظر للمسلمين كالتخيير في الحكم في حد المحارب
فإن كان الأسير من أهل النجدة والفروسية والنكاية للمسلمين قتله الإمام ولم يستحيه وإن لم يكن على هذه الصفة وأمنت غائلته وله قيمة استرقه للمسلمين أو قبل فيه الفداء إن بذل فيه أكثر من قيمته وإن لم تكن له قيمة ولا فيه محمل لأداء الجزية أعتقه كالضمناء والزمني الذين لا قتال عندهم ولا رأي لهم ولا تدبير
فمن الضمناء والزمني الذين لا يقتلون المعتوه والمجنون واليابس الشق باتفاق
والأعمى والمقعد على اختلاف
والاختلاف في هذا على اختلافهم في وجب السهم لهم من الغنيمة وفي جواز إعطائهم من المال الذي يجعل في السبيل وإن لم تكن له قيمة وفيه محمل لأداء الجزية عقد له الذمة وضرب عليه الجزية وإن رأى الإمام مخالفة ما وصفناه من وجوب الاجتهاد كان ذلك له مثل أن يبذل الفارس المعروف بالنجدة والفروسية في نفسه المال الواسع الكثير فيرى الإمام أخذه أولى من قتله ( ولا يمنعه حمل من مسلم ورق إن حملت به بكفر ) من المدونة إن أسلم بدار الحرب كتابي أو بعد قدومه إلينا لم تزل عصمته عن نسائه وهو على نكاحه ويقع طلاقه عليهم وافتراق الدارين ليس بشيء
ومن اللخمي قال ابن القاسم في الحربي ثم خرج إلينا فغزا المسلمون بلاده فغنموا أهله وولده وماله إنهم فيء للمسلمين
قال وسألت مالكا عن رجل من المشركين أسلم ثم غزا المسلمون تلك الدار فأصابوا أهله وولده قال مالك فهو فيء للمسلمين
وظاهر قوله ها هنا أنهم فيء وإن لم يكن خرج إلينا ثم ذكر الخلاف ثم قال والقول أن ماله وولده له أحسن لأنه ماله قبل أن يسلم وإن كان بدار الحرب وإن كان ذلك الولد من وطء كان بعد إسلامه لم يسترق قولا واحدا
وكذلك لو سبيت زوجته بحمل حملت به بعد إسلامه فهو إذن ولده على حكم الإسلام وأما زوجته ففيء قولا واحدا وسواء أسلم ثم خرج إلينا أو أقام حتى دخلوا عليه وتقع الفرقة بينها وبين زوجها لأنه لا يجتمع الكفر والرق والزوجية إلا إن أسلمت في العدة أو عتقت فإنها تبقى زوجة
وقال ابن شاس لا