احکام القرآن للجصاص-ج3-ص284
لا إرادة ميتة وكذب في طالق وحرة أوحرام وإن بفتوى )
ابن عرفة النية إن وافقت ظاهر اللفظ أو خالفته بأشد اعتبرت اتفاقا وإلا فطرق
التلقين يعتبر في اليمين النية ويعمل عليها إذا كانت مما يصلح أن يراد اللفظ بها كانت مطابقة له أو زائدة فيه أو ناقصة عنه بتقييد مطلقة أو تخصيص عامه
وقال ابن بشير إن توافق اللفظ والنية استوى حكم ما يقضي به وما لا يقضي به وإن خالف اللفظ مقتضى النية فإن كان مما يقضى به نظر فإن كان لا يحتمل ما ادعاه من النية لم يلتفت إلى دعواه وإن حضرته بينة وإن احتمله ولكن على بعد فإن حضرته بينة لم يلتفت إلى النية وإن لم تحضره بينة فالصحيح في المذهب أن المستفتي تقبل نيته
ونقل ابن يونس أن النية على ثلاثة أوجه منها ما لا تقبل نيته في القضاء والفتيا مثل أن يحلف لزوجته بطلاق من يتزوج في حياتها أو يكون ذلك شرطا في أصل نكاحها فتبين منه ثم يتزوج ويقول نويت ما كانت تحتي فيصدق ومثل ذلك الذي يعاتب زوجته في دخول بعض قرابتها فتحلف بالحرية لا دخل علي من أهلي أحد فلما مات قالت نويت ما كان حيا فذلك لها في القضاء وإن قامت عليها بينة
ابن يونس وكذلك مسألة القابسي في الذي يعجب من عمل عبده فيقول ما أنت إلا حر
الوجه الآخر ما تقبل منه نيته في الفتيا دون القضاء وذلك كل من حلف أن لا يفعل شيئا ولم يذكر تأبيدا ثم قال نويت شهرا أو حتى يقدم فلان وذلك أنه أظهر يمينا يدل على التأبيد وادعى ما يقطع التأبيد فيصدق في الفتيا ولا يصدق في القضاء وكذلك لو حلف أن لا يأكل سمنا وقال نويت سمن ضأن أو حلف لزوجته في جارية له إن كان وطئها وهو يريد بقدمه فله نيته في هذا وشبهه في الفتيا دون القضاء
وكذلك إن قال لامرأته أنت طالق إن راجعتك فأراد أن يرتجعها بنكاح جديد وقد خرجت من العدة وقال إنما نويت ما كانت في عدمها فإن كانت على يمينه بينة لم أدينه وإن لم تكن على يمينه بينة دينته
وقيل إنما معنى هذا إذا جاء مستفتيا بلا مخاصمة ولا مرافعة وأما إذا جاءت المرافعة فسواء كانت على أصل يمينه أو لم تكن فإقراره بها كالبينة لأنه ظاهر الإقرار مدع فيما يطرحه فيطلق عليه ولا يقبل قوله
وكذلك من قال حكمة طالق وله جارية وزوجة يسميان كذلك وقال نويت جاريتي فله نيته في الفتوى وأما في القضاء إن قامت عليه بذلك بينة أو حلف به على وثيقة حق فلا تنفعه وأكثر هذا في المدونة
الوجه الآخر ما لا تقبل فيه نيته في قضاء ولا فتيا وهي كل يمين على وثيقة حق أو شرط أو لتأخير أجل دين فما كان يقضي فيه السلطان من طلاق أو عتق فلا تقبل فيه نيته وما كان لا يقضي به كيمين بصدقة أو بمشي ونحوه فلا يلزمه ويدين في نيته مثل أن يقول نويت المشي إلى المسجد
انتهى بتقديم وتأخير من ابن يونس رمت بذلك مسايرة ألفاظ خليل لكن لم يتجه ما رمته فانظره إلا أن ابن يونس قال بعد ذلك اختصار هذه الوجوه أن كل من حلف بطلاق أو عتق على توثقة أو تأخير ربه أو حلف بذلق طوعا في أمر كذب فيه فيقول نويت امرأتي أو جاريتي الميتة فهذا لا تنفعه نيده في قضاء ولا فتيا
واختلف هل تنفعه المحاشاة في يمينه على ذلك بالحلال علي حرام والثاني أن يحلف بالطلاق أو العتاق أن لا يفعل فعلا وقال نويت شهرا أو لا يأكل سمنا فيقول نويت سمن ضأن أو لا يلبس ثوبا وقال نويت شيئا فهذا الذي تنفعه نيته في الفتيا في القضاء
والثالث أن يحلف لزوجته بطلاق من يتزوج في حياتها فيفارقها ثم يتزوج فيقول نويت ما كانت تحتي أو يعاتب زوجته في دخول بعض قرابتها إليها فتحلف بالحرية أن لا يدخل عليها منهم أحد فلما مات قالت نويت ما كان حيا فذلك لها في القضاء والفتيا
وأما مسألة التوكيل في لا يبيعه ولا يضربه فسيأتي في الوكالة عند قوله وحنث بفعله في لا أفعله إلا بنية
وقال ابن بشير إن حلف إن لا يبيع عبده فباعه غيره بإذنه فإنه حانث ولم ينوه في الكتاب بخلاف لو حلف أن لا يضرب عبده فأمر غيره بضربه فإن قال نويت بنفسي صدق انتهى
فانظر هذا مع لفظ خليل وانظر هنا مسائل مسألة أولى استحلف على وثيقة حق بطلاق أو عتق تقدم أنه لا تقبل فيه نية
مسألة ثانية استحلف على ذلك بالله أو بمشي ونحوه تقدم أنه يدين
مسألة ثالثة طاع بالحلف بالطلاق والعتق على ذلك