پایگاه تخصصی فقه هنر

احکام القرآن للجصاص-ج3-ص268

يونس الأصل فيمن أوجب على نفسه فعل شيء بيمين من الأيمان فلم يفعله أو حلف أن لا يفعله ففعله أن يلزمه ما حلف عليه ولا ينفعه الاستثناء بمشيئة الله فيه إذ لا علم لنا بمشيئته فخرج الاستثناء في اليمين بالله من ذلك بالسنة وبقي ما عداه على أصله

ابن بشير إن كان الاستثناء بمشيئة الله فلا يصح في اليمين بالطلاق أو العتاق أو نحوهما من الالتزامات إلا أن تكون اليمين معلقة بفعل فإن كانت كذلك فلا يخلو أن يرد الاستثناء إلى الفعل أو إلى اليمين فإن ردها إلى الفعل فقولان المشهور أنها لا تنفع

ابن رشد الأصح من القولين في النظر أن الاستثناء ينفع وعلى ابن القاسم درك عظيم في قوله إنه لا ينفع

انتهى من المقدمات

وله في البيان ما نصه لو قال إن فعلت كذا إلا أن يشاء الله فأنت طالق لنفعه استثناؤه عند الجميع إذ قد نص على رد الاستثناء إلى الفعل بذكره إياه عقيبه قبل الطلاق انتهى

فقد تضمن هذا أن ابن القاسم يقول إن الاستثناء ينفع إذا رده للفعل ( أو يريد أو يقضي على الأظهر ) سمع عيسى ابن القاسم من حلف لأفعل كذا إلا أن يقضي الله أو يريد غيره ليس باستثناء

عيسى هو استثناء

ابن عرفة حمله ابن حارث وابن رشد على الخلاف في اليمين بالله واختار ابن رشد قول عيسى وظاهر النوادر حمل ابن القاسم على اليمين بالطلاق فلا يكون خلافا انتهى

وذكر القرافي هذا الخلاف قال وهو مبني على أن الأسباب الشرعية هل يقاس عليها إذا عقل معناها أم لا كما قيل في قياس النبش على السرقة ( وأفاد بكإلا في الجميع إن اتصل )

ابن عرفة الاستثناء بإلا وبلا إن معتبر في كل يمين وشرطه في الكل عدم فصله اختيارا

قال في المدونة لا استثناء إلا واصل بيمينه يحرم به لسانه فأما في نفسه أو يلفظ به بعد ضمانه فلا

قال مالك وإن حدثت له نية الاستثناء قبل تمام لفظه باليمين أو بعد إلا أنه لم يصمت حتى وصل بها الاستثناء أجزاه

قال في كتاب ابن المواز وهو مثل الذي يريد أن يحلف بألبتة فيقول امرأتي طالق ألبتة ثم يبدو له فسكت عن تمام اليمين

ابن يونس يريد أن ذلك لا يلزمه لأن الحكم لآخر اليمين وقد أجمعوا أن من نسق الطلاق بفعل أو الحكم لآخر الكلام فكذلك يكون الاستثناء

وقال اللخمي اختلف إذا نسق الاستثناء بنية حديثة بعد تمام اليمين فقال مالك في المدونة ذلك استثناء

ابن عرفة وهذا هو المشهور

وقال ابن رشد وأما الاستثناء بغير حرف الاستثناء وهو أن يفيد العموم بصفة لأن ذلك لا يقتضي إخراج من ليس على تلك الصفة من ذلك العموم فهو استثناء بالمعنى وله حكم الاستثناء في أن لا ينفع إلا بتحريك اللسان واتصاله بالكلام مثل أن يقول والله ما رأيت اليوم قرشيا عاقلا لأنه بمنزلة ما رأيت اليوم قرشيا إلا أحمق فإن وصل عاقلا بيمينه نفعه بمنزلة أن يصل بها إلا أحمق وذلك منصوص لابن القاسم في الذي يسأل الرجل عن وديعة قد كان استدفعه إياها فيحلف إن كانت في بيته فيلقنه رجل في علمك فيقول في علمي إنه استثناء ينفعه إن كان الكلام نسقا لم يكن بينهما صمات ونحو ذلك في سماع أشهب لأن قوله في علمي بمنزلة قوله امرأته طالق إن كانت الوديعة في بيتي إلا أن أكون غير عالم بها فهو استثناء بالمعنى انتهى

انظر كثيرا ما يتفق هذا أن يقول المحلوف عليه للحالف قل إن شاء الله فيقولها فعلى المشهور ولا تشترط نيته قبل تمام يمينه وعلى القول الآخر واختاره اللخمي لا بد من تقدم النية

ظاهر اللخمي قبل آخر حرف من المقسم عليه

ونص عليه ابن رشد وظاهر الشيخ والصقلي قبل آخر حرف من المقسم به ( إلا لعارض ) التلقين قطع الاستثناء بغير اختيار من سعال أو عطاس أو ما أشبهه لا يضر

الباجي وكذا انقطاع النفس قاله ابن المواز ( ونوى الاستثناء ) تقدم أن من حلف بالله وقال إن شاء الله إن لم ينو الاستثناء فلا ثنيا له وكذا إن قال إن شاء الله سهوا وظاهره ولم ينوه قبل تمام يمينه وهو المشهور كما تقدم

قال أبو محمد وهو الأصح ووجهه أن لفظ الاستثناء لما لم يشترط تقديمه على آخر حرف من حروف اليمين لم يشترط ذلك في النية لأن مجرد النية لا تؤثر ولو أثر مجرد النية في حل اليمين لاستغنى عن لفظه وهذا باطل باتفاق ( وقصد ) انظر إنما شرطوا هذا في إن شاء الله وقد تقدم قوله كإلا أن يشاء الله إن قصد فانظر هذا ( ونطق به )

ابن رشد المشهور في المذهب أنه لا بد في الاستثناء بإلا من حركة اللسان وكذلك ما هو مثله من تقييد العموم بصفة له حكم الاستثناء لا ينفع إلا بتحريك اللسان واتصاله بالكلام وتقدم أنه لو أثر مجرد النية في حل اليمين لاستغنى عن لفظ إن شاء الله ( وإن سرا )

ابن حبيب إن حرك بالاستثناء شفتيه أجزاه وإن لم يجهر به ولو كان مستحلفا لم يجزه إلا الجهر

وقال ابن القاسم ينفعه وإن لم يسمعه المحلوف له ( بحركة لسانه ) تقدم نص المدونة يحرك به لسانه فأما في نفسه فلا ( إلا أن يعزل في يمينه أولا ) اللخمي اختلف إذا لم يحرك لسانه بالاستثناء فقال مالك في المدونة