احکام القرآن للجصاص-ج2-ص381
( أو برؤية عدلين ) ابن عرفة يثبت رمضان وغيره بشهادة عدلين حرين في مصر صغير مطلقا وكبير في غيم
ومن المدونة قال مالك لا يصام ولا يفطر ولا يقام الموسم إلا بشهادة رجلين حرين مسلمين عدلين على رؤية الهلال ولا يجوز فيه شهادة جماعة النساء والعبيد والمكاتبين ولا شهادة رجل واحد وإن كان عدلا
قال سحنون ولو كان مثل عمر بن عبد العزيز ما صمت ولا أفطرت بشهادته
اللخمي منع مالك أن يصام بشهادة الواحد إذا أخبر عن رؤية نفسه لا على وجه الوجوب ولا على الندب ولا على الإباحة
قال سحنون ولو كان مثل عمر بن عبد العزيز
ابن يونس لأنه حكم يثبت في البدن فلا يقبل في الشهادة عليه واحد أصله النكاح والطلاق
ابن عرفة المذهب لغو رؤية العدل لغيره ولو كان مثل عمر بن عبد العزيز
ابن حارث اتفاقا وتخريج اللجمي قبوله من قول ابن ميسر والشيخ وابن الماجشون يرد بالمشقة انتهى
فيظهر من هذا أن قول ابن الماجشون وابن ميسر والشيخ موافق للمشهور
والذي قال ابن الماجشون إذا كان الناس مع إمام يضيع أمر الهلال فلا يدعوا ذلك من أنفسهم
فمن ثبت عنده برؤية من يثق بصدقه صام عليه وأفطر وحمل عليه من يقتدي به
اللخمي أجاز في هذا ثلاثة أشياء الصوم والفطر بقول الواحد إذا أخبر عن رؤية نفسه وأن يحمل عليه من يقتدي به لأنه يقطع بصدق نفسه وأن يحملهم على قول غيره إذا كان ثقة عنده
فإذا جاز أن يحمل من يقتدي به على الصوم بقول الواحد عند تضييع الإمام جاز للإمام أن يحمل الناس على مثل ذلك لأنه لا يجوز أن يفعل عند عدم الإمام إلا ما يجوز للإمام أن يفعله
والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن مكتوم
فأباح الأكل بقول بلال وألزم الإمساك بقول ابن مكتوم وحده والأول يخبر عن رؤية نفسه والثاني يخبر عما يخبر به غيره
وعلى هذا يجوز أن يفطر بقول الواحد إذا أخبر عن غروب الشمس
فإن قيل المؤذن في هذا بخلاف غيره لأن الناس أقاموه لذلك فأشبه الوكيل
قيل يلزم على هذا أن يجوز مثل ذلك في الهلال إذا أقاموا واحدا لالتماسه لهم فيعملون على ما يخبرهم به من هلال رمضان أو شوال
راجع اللخمي وقد حصل بهذا أن الإنسان كما هو مخاطب بالصيام إذا رأى هلال رمضان بنفسه كذلك هو مخاطب به إذا أخبره شاهدان عدلان أنهما قد رأياه وهذه أيضا هي عبارة ابن رشد
فإن أخبره عدل واحد فلا يعمل على قوله إلا إن كان في موضع ليس فيه إمام يتفقد أمر الهلال فإنه يعمل بشهادته وهذه أيضا هي عبارة ابن رشد قائلا لأن الشهادة لما تعذرت لتضييع الإمام رجع إلى إثباته من جهة الخبر وكما جاز قبول المؤذن العدل العارف بالفجر في طلوعه لتعذر الشهادة في ذلك عند الحاكم إذ لا يلزمه طلب الشهادة في ذلك
والفرق بين وجوب ذلك عليه في الهلال دون الفجر أن الصيام يصح إيقاع النية فيه قبل الفجر ولا يصح اعتقاد الصوم في أول يوم من رمضان قبل العلم باستهلال الهلال ولا يلزم على هذا زوال الشمس لصلاة الظهر ولا غروب الشمس للفطر لأنه يمكنه التأخير حتى يوقن بزوال الشمس أو بغروبها
وجه رابع مما يخاطب به الإنسان بالصيام إذا أخبره الإمام إن قد ثبتت رؤيته عنده قاله ابن رشد أيضا
وكذلك إذا أخبره عدل عن الإمام بذلك أو عن الناس أنهم رأوه رؤية عامة
قال ابن رشد وكذلك إن أخبره عدل أن أهل بلد كذا صاموا يوم كذا برؤية عامة أو بثبوت رؤيته عند قاضيهم يجب عليه بذلك قضاء اليوم
قال أبو عمران العدل إذا أخبر أن الهلال قد ثبت عند الإمام إن كانوا قد بعثوه لزمهم العمل على خبره وإلا فلا
قال ابن يونس لا فرق بين أن يرسلوه إلى بلد مستكشفا فيخبرهم أنهم رأوا الهلال فيه أو يخبرهم من غير إرسال لأنه من باب نقل الأخبار لا من باب نقل الشهادة وكذلك نقل الرجل إلى أهله وذلك كله سواء والتفريق بين ذلك كله ضعيف وقال ابن رشد لا معنى عندي لقول أبي عمران ولا فرق بين أن يخبرهم دون أن يبعثوه أو يخبر بذلك أهله وولده وإنما يفترق ذلك عندي إذا بعث الإمام رجلا إلى أهل بلد ليخبره إن كانوا رأوا الهلال فأخبره بذلك فليأمر الإمام الناس بالصيام وإن أخبره بذلك من غير أن يرسله وجب على الإمام الصيام ولم يصح له أن يأمر الناس بالصيام حتى يشهد بذلك عنده آخر لأنه حكم فلا يكون إلا بشاهدين انتهى
انظر هل يلزم هذا المخبر أن يخبر كل الناس إذ الإمام قد وجب عليه الصيام بخبره فكذلك غيره